والسؤال المطروح الآن هو : أين نحن من سيرة سيدة نساء العالمين التي نعتبرها المعيار والقدوة، لاسيما وأننا نطلب شفاعتها ونؤكّد أننا من شيعتها؟ فهل نحن كذلك فعلاً؟ وكيف نكون معها ولا نكون في الجبهة المعادية لها؟.
والجواب يبدو واضحاً وجليّاً للغاية، وبإمكاننا معرفته بواسطة مقارنة سلوكنا بأفعالها ومواقفها، وبمقارنة أقوالنا بأقوالها، والأمر ليس مستعصياً أن يتعرف كلّ واحد منّا على فعل الزهراء(عليها السلام)، حتى يقيس نفسه به.
إن أبرز ما خلَّدته الزهراء (عليها السلام) من سيرة فاضلة مجاهدة، هو أنها لم تعش لنفسها أو تفكّر في نفسها كإنسانة، بل هي عاشت لنهج الإسلام الأصيل، دين أبيها محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله)، ومن نماذج هذه الحقيقة، أنها حينما عادت من المسجد بعد احتجاجها على مصادرة حقها من قبل الخليفة الأول، وجدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) جالساً في زاوية من زوايا البيت، اشتكت الزهراء(عليها السلام) لزوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) ظلامتها محرّضة إياه على الأخذ بحقها فأجابها أمير المؤمنين(عليه السلام) بالتخيير بين الأخذ بحقها وبين بقاء الدين، فهي إن أرادت حقّها - الذي يبدو في الظاهر شخصياً - لابد أن تعرف أن لا يبقى للإسلام وجود، وإن هي أرادت بقاء الدين لابد أن تحتسب إلى الله ظلامتها وآلامها، حيث قال(عليه السلام): (فاحتسبي الله، فقالت(عليها السلام) : حسبي الله وأمسكت ثم لم تشتكِ لأمير المؤمنين أبداً([1].
وإذ تبيّن لنا أن مصلحة الدين هي الأساس في سلوك الزهراء (عليها السلام)، لنَعُد إلى أنفسنا وننظر إلى مستوى وجود هذا الأساس والمعيار في سلوكنا، فهل خالفنا مصالحنا الشخصية من أجل مصلحة الدين؟ وهل خالفنا منافعنا لصالح قضية دينية؟.