المقدمة:
المقدمة:
إن الله تعالى خلق محمداً(صلى الله عليه وآله) ليكون آية قدرته في الأنبياء، ثم خلق منه بضعته وابنته فاطمة الزهراء لتكون علامة وآية على قدرة الله في إبداع مخلوق أُنثى تكون كتلة من الفضائل، ومجموعة من المواهب فلقد أعطى الله تعالى فاطمة الزهراء(عليها السلام) أوفر حظ من العظمة، وأوفى نصيب من الجلالة بحيث لا يمكن لأية أنثى أن تبلغ تلك المنزلة، فهي من زمرة أولياء الله الذين اعترفت لهم السماء بالعظمة قبل أن يعرفهم أهل الأرض، ونزلت في حقهم آيات محكمات في الذكر الحكيم، تتلى آناء الليل وأطراف النهار منذ نزولها إلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم القيامة.
شخصية كلما ازداد البشر نضجاً وفهماً للحقائق، واطلاعاً على الأسرار ظهرت عظمة تلك الشخصية بصورة أوسع، وتجلّت معانيها ومزاياها بصُوَر أوضح.
إنها فاطمة الزهراء(عليها السلام)، الله تعالى يثني عليها، ويرضى لرضاها ويغضب لغضبها، ورسول الله(صلى الله عليه وآله) ينوِّه بعظمتها وجلالة قدرها، وأمير المؤمنين(عليه السلام) ينظر إليها بنظر الإكبار والإعظام، وأئمة أهل البيت(عليهم السلام) ينظرون إليها بنظر التقديس والاحترام.
إن التحدث عن حياة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) يشتمل على حوادث كلها عِبَر وحِكَم ودروس، يتعرَّف الإنسان بها على حياة أولياء الله وخاصته، وكيفية نظرتهم إلى الحياة، ويطلّع على جانب من التاريخ الإسلامي المتعلق بحياة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بالرغم من قصر عمرها، وإنها كانت تعيش في خدرها، لا يطلَّع أحد على معاشرتها، وسلوكها في البيت إلا أسرتها وذووها.
فالتحدث عن عظمة السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) يعتبر تحدثاً عن المرأة في الإسلام من حيث حفظ كرامتها، والاعتراف باحترامها وشخصيتها، ويشمل التحدث نموذجاً من المرأة بصفتها بنتاً في دار أبيها، وزوجة في دار بعلها، وأمًّا ومربيّة في البيت الزوجي.
وخصّ الله تعالى فاطمة الزهراء (عليها السلام) من وصائف فضله وشرائف نبله بأكمل ما أعدّه لغيرها من ذوي النفوس القدسية، والأعراق الزكية والأخلاق الرضية، والحكم الإلهية، وسطع صبح النبوة بطلعتها الحميدة وغرتها الرشيدة، وتجسدت فيها الكمالات الإنسانية، وملكات الفضائل النفسانية كأن طينتها قد عجنت بماء الحياة وعين الفضل في حظيرة القدس، فهي نور الحق، وحقيقة الصدق، وآية العدل، فتعالى مجدها، وتوالى إحسانها.