بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

(بِئْسَ الزَّادُ إِلَى الْمَعَادِ الْعُدْوَانُ عَلَى الْعِبَادِ)[1].

بئس: فعل ماض جامد يستعمل للذم، والمعاد: هو الآخرة، والمقصود بالعدوان: هو الظلم الصراح.

والمقصود من كلام الإمام(عليه السلام) هو الدعوة إلى الابتعاد عن الظلم والتعدي على حقوق الغير، وأن ذلك من أدنى وأخس ما يحمله العبد في سفره إلى الآخرة عند مساءلته أمام جبّار السماوات والأرض.

ففيها تزهيد للإنسان لئلا يظلم، وذم للظلم بصوره ومجالاته كافة والظروف المبررة له. وتتضمن -طبعًا- الدعوة إلى التعامل وفقًا لميزان الحق وعدم بخس غيره حقه لئلا يكون معتديًا فيكون قد تزوّد بالعدوان والظلم الصُراح للعباد، فلا بد لنا أن تتسامى أرواحنا ولا نقابل مَن ظلم بالظلم حتى لا نساويه وإنما علينا استنقاذ الحق -وثبات الوجود- من دون اللجوء إلى أساليب التعنت والتعدي[2].

الظلم والعدوان في الكتاب والسنة:

حذَّر الإسلام مِن العُدْوَان؛ لأنَّها صفة مذمومة ومقيتة، ونهى عن التَّعاون عليها، وقد وردت آياتٌ تحذِّر مِن العُدْوَان، قال الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)[3].

وقال جل ذكره: (وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[4].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الله لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)[5].

وقال الله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَالله لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)[6].

وقال جل وعلا: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[7].

وقال تقدست أسمائه: (وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[8].

وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يقول الله عز وجل: (وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم ينصره)»[9].

وعنه(صلى الله عليه وآله): «الظلم ثلاثة: فظلم لا يتركه الله... أما الذي لا يترك فظلم العباد فيما بينهم، يقص الله بعضهم من بعض»[10].

وعنه(صلى الله عليه وآله):«بين الجنة والعبد سبع عقاب، أهونها الموت، قال أنس: قلت: يا رسول الله فما أصعبها؟ قال: الوقوف بين يدي الله عز وجل إذا تعلق المظلومون بالظالمين»[11].

وعنه(صلى الله عليه وآله): «إياكم والظلم، فإنه يخرب قلوبكم»[12].

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «إياك والظلم، فإنه أكبر المعاصي»[13].

وعنه(عليه السلام): «من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده»[14].

وعنه(عليه السلام): «الظلم يزل القدم، ويسلب النعم ويهلك الأمم»[15].

مجلة بيوت المتقين العدد (98)

 


[1] نهج البلاغة، تحقيق صالح: ص507.

[2] انظر: أخلاق الإمام علي(عليه السلام)، السيد صادق الخرسان: ج1، ص132.

[3] سورة المائدة: آية 2.

[4] سورة المائدة: آية 62.

[5] سورة المائدة: آية 87.

[6] سورة آل عمران: آية 57.

[7] سورة الأنعام: آية 21.

[8] سورة البقرة: آية258.

[9] كنز العمال، المتقي الهندي: ج3، ص505.

[10] كنز العمال، المتقي الهندي: ج4، ص236.

[11] كنز العمال، المتقي الهندي: ج4، ص824.

[12] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج72، ص315.

[13] عيون الحكم، الواسطي: ص97.

[14] مستدرك الوسائل، الميرزا النوري: ج12، ص100.

[15] عيون الحكم، الواسطي: ص52.