أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

(أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِه، أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُه عَلَى الْجَاهِلِ)[1]

دعوة كريمة ونصيحة ثمينة تدل على حرص أكيد على مستقبل بني الإنسان. فإنّ من المعلوم ترّكب الإنسان من قوى متضادة تسيطر على أفعاله، وتصرفاته تكون منبعثة عنها، منها القوة الغضبية الناشئة من استحكام السَبُعيّة وتغلبها، فيصير الإنسان شبيهًا بالسباع في حب الانتقام والتغلب على المتعدي.

فإذا تمكن الإنسان من أن يتوازن ليتحكم في درجة تلك القوة، وينخفض لديه معدل الخسارة إلى أدنى نسبة ممكنة، فيتغلب على نفسه، ويتغاضى، فيسامح ويغفر، ولا يعيش السلبية المطلقة مع الظرف المعتدي -فإذا أمكنه ذلك- صار حليماً، والحلم لغة: ضد الطيش، وهو الصبر والأناة والسكون مع القدرة والقوة والعقل، وشرطه أن يكون العفو من موقع القدرة، وقاعدة القوة لا من الضعف وعدم إمكان المواجهة.

فإذا تحلّم الإنسان فماذا سيحصل؟ بعد أن ذهب حقه وهُدرت كرامته.

الجواب: إن الناس المعايشين للحالة سيتولون تلقائياً الدفاع عن الحليم ومقاضاة المعتدي بأسلوبهم الخاص، ولو باللوم والتأنيب، وقد ينتج ذلك أن يأتي المعتدي معتذراً معترفاً بتقصيره.

ويكفينا لو حاولنا التحلّم أن نكون في موقع الوعي والقوة، ويكون الآخر جاهلاً.

وهذا منطق العقل الذي يجب أن يحكم الأمور إذا أردنا لأنفسنا وللآخرين العيش بسلام.

وينبغي لمتبعي الإمام(عليه السلام) أن لا يفكروا في لحظة ما أنّ ذلك من موقع التخاذل وعدم القوة، فعليٌّ(عليه السلام) قوي، ويتعلم منه الناس القوة والسياسة الاجتماعية التي توفر الأمان للرعية الذين يشعر ازاءهم بالمسؤولية[2].

الحلم في حديث أهل البيت(عليهم السلام):

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «بُعِثتُ للحِلمِ مركزاً، وللعِلمِ مَعدِناً، وللصبر مَسكناً»[3].

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «الحِلْمُ سَجيّةٌ فاضلة»[4].

وعنه(عليه السلام): «الحِلمُ حِجاَبٌ مِنَ الآفَاتِ»[5].

وعنه(عليه السلام): «لا عِزَّ أنفَعُ مِنَ الحِلْمِ»[6].

وعنه(عليه السلام): «تَعَلَمْوا الحِلْمَ، فَإنَّ الحِلمَ خَلِيلُ المُؤمِنِ وَوَزِيرُهُ»[7].

وعنه(عليه السلام): «جَمَالُ الرَجُلِ حِلمُه»[8].

وعنه(عليه السلام): «إن لَم تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلم، فإنَّهُ قَلَّ مَن تَشبَهَ بقَومٍ إلا أَوشَكَّ أنَ يَكُونَ مِنهُم»[9].

وعنه(عليه السلام): «إِنَّ أَوَّلَ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ خَصْلَتِهِ، أَنَّ النَّاسَ أَعْوَانُهُ عَلَى الْجَاهِلِ»[10].

مجلة بيوت المتقين العدد (95)

 


[1] نهج البلاغة، تحقيق صالح: ص505.

[2] انظر: أخلاق الإمام علي(عليه السلام)، السيد صادق الخرسان: ج1، ص127.

[3] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج68، ص423.

[4] كنز الفوائد، الكراجكي: ص147.

[5] عيون الحكم، الواسطي: ص24.

[6] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج68، ص428.

[7] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج75، ص62.

[8] عيون الحكم، الواسطي: ص222.

[9] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج68، ص405.

[10] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج68، ص425.