ترك التفضيل لنفسه ولولده

من أخلاق أمير المؤمنين (عليه السلام) انه ترك التفضيل لنفسهِ ولولده على أحد من أَهل الإسلام ونحن هنا ذاكرون بعض تلك الموارد:

المورد الأول: يروى انه دخلتْ عليه اخته السيدة ام هاني فدفع اليها عشرين درهما فسألت ام هاني مولاتها العجمية فقالت: كم دفع اليك أَمير المؤمنين؟ فقالت: عشرين درهما فانصرفت مسخطه فقال لها الامام (عليه السلام): انصرفي رحمك الله ما وجدنا في كتاب الله فضلاً لإسماعيل على إسحاق[1].

المورد الثاني: عندما بعث اليه من خراسان ببنات كسرى فقال لهنّ: ازوجكنّ؟ فقلنّ له: لا حاجه لنا في التزويج فانه لا اكفاء لنا إلّا بنوك فان زوجتنا منهم رضينا فكره ان يؤثر ولده بما لا يعم به المسلمين[2].

المورد الثالث: يروى انه بُعث الى الامام علي (عليه السلام) بتحفة من غوص البحر من البصرة، ولا يدري ما قيمته فقالت له ابنته ام كلثوم: يا أمير المؤمنين اتجمل به، ويكون في عنقي؟ فقال (عليه السلام): يا ابا رافع ادخله الى بيت المال ليس الى ذلك سبيل حتى لا تبقى امرأة من المسلمين إلّا ولها مثل ما لك[3].

المورد الرابع: يُذكر ان أمير المؤمنين (عليه السلام)، قام خطيباً بالمدينة حين ولي فقال (عليه السلام): يا معشر المهاجرين والانصار يا معشر قريش اعلموا والله إني لا ارزؤقكم ـ اصيب من مالكم ـ من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أفتروني مانعاً نفسي وولدي ومعطيكم؟ ولأسوين بين الاسود والاحمر، فقال اليه عقيل بن أبي طالب (J) فقال: لتجعلني واسوداً من سودان المدينة واحداً؟

فقال له مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): اجلس رحمك الله تعالى اما كان ههنا من يتكلم غيرك؟ وما فضلك عليه إلّا بسابقة أو تقوى[4].

المورد الخامس: استعدى زياد بن شداد الحارثي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أخيه عبد الله بن شداد فقال: يا أمير المؤمنين ذهب أخي في العبادة وامتنع أن يساكنني في داري ولبس أدنى ما يكون من اللباس، قال: يا أمير المؤمنين تزينت بزينتك ولبست لباسك، قال: ليس لك ذلك، إن إمام المسلمين إذا ولي امورهم لبس لباس أدنى فقيرهم لئلا يبتغي بالفقير فقره فيقتله، فلا علمن ما لبست إلّا من أحسن زي قومك (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فالعمل بالنعمة أحب من الحديث بها. مسند الإمام علي (عليه السلام): ج9، ص45.

المورد السادس: ولى بيت مال المدينة عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فكتب: العربي والقرشي والانصاري والعجمي وكل من في الاسلام من قبائل العرب وأجناس العجم، فأتاه سهل بن حنيف بمولى له أسود فقال: كم تعطي هذا؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) كم أخذت أنت؟ قال: ثلاثة دنانير وكذلك أخذ الناس، قال: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير، فلما عرف الناس أنه لا فضل لبعضهم على بعض إلّا بالتقوى عند الله أتى طلحة والزبير عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فقالا: يا أبا اليقظان استأذن لنا على صاحبك، قال: وعلي صاحبي إذن قد أخذ بيد أجيره وأخذ مكتله ومسحاته، وذهب يعمل في نخلة في بئر الملك، وكانت بئر لتبع سميت بئر الملك، فاستخرجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وغرس عليها النخل، فهذا من عدله في الرعية وقسمه بالسوية[5].

مجلة بيوت المتقين العدد (65)

 


[1] بحار الأنوار: المجلسي، ج40، ص106.

[2] بحار الأنوار: المجلسي، ج40، ص106.

[3] بحار الأنوار: المجلسي، ج40، ص106.

[4]  الاختصاص: الشيخ المفيد، ج1، ص151.

[5] بحار الانوار: المجلسي، ج4، ص108.