قال علي بن أبي حمزة: حججت مع الصادق (عليه السلام)، فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه، ثمّ قال: (يا نخلة أطعمينا ممّا جعل الله فيك من رزق عباده)، قال: فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو الصادق (عليه السلام)، وعليها أعذاقها وفيها الرطب.
قال: (أدن، فسم وكل)، فأكلنا منها رطباً أعذب رطب وأطيبه، فإذا نحن بأعرابي يقول: ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا؟ فقال الصادق (عليه السلام): (نحن ورثة الأنبياء، ليس فينا ساحر ولا كاهن، بل ندعو الله فيجيب، وإن أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلباً تهتدي إلى منزلك، وتدخل عليهم وتبصبص لأهلك فعلتُ).
قال الأعرابي بجهله: بلى، فدعا الله فصار كلباً في وقته، ومضى على وجهه، فقال لي الصادق (عليه السلام): (اتبعه)، فاتبعته حتّى صار إلى حيّه، فدخل إلى منزله، فجعل يبصبص لأهله وولده، فأخذوا له العصا حتّى أخرجوه، فانصرفتُ إلى الصادق (عليه السلام) فأخبرته بما كان منه، فبينا نحن في حديثه إذ أقبل حتّى وقف بين يدي الصادق (عليه السلام)، وجعلت دموعه تسيل على خديه، وأقبل يتمرّغ في التراب ويعوي، فرحمه فدعا الله له، فعاد أعرابياً، فقال له الصادق (عليه السلام): (هل آمنت يا أعرابي؟) قال: نعم ألفاً وألفاً)[1].