عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: دخلت عليه وهو جالس على بساط أحمر في وسط داره وأنا أقول: اللهم إني لا أشك في أن حجتك على خلقك وإمامنا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فلقني منه ما يزيدني ثباتا ويقينا فرفع رأسه إلي وقال: (قد أوتيت سؤلك يا موسى)، يا مفضل، ناولني تلك النواة - وأشار بيده إلى نواة في جانب الدار - فأخذتها وناولته إياها، فقبضها ونصبها على الأرض، ووضع سبابته عليها وغمزها فغيبها في الأرض، ودعا بدعوات سمعت منها: اللهم فالق الحب والنوى، ولم أسمع الباقي، فإذا تلك النواة قد نبتت نخلة وأخذت تعلو حتى صارت بإزاء علو الدار، ثم حملت حملا حسنا وتهدلت وبسرت ورطبت رطبا وأنا أنظر إليها، فقال لي: اهززها يا مفضل، فهززتها فنثرت علينا رطبا في الدار جنيا ليس مما رأى الناس وعرفوه، أصفى من الجواهر، وأعطر من روائح المسك والعنبر، توري (تورى) الرطبة مثل ما توري (تورى) المرأة، وقال لي: التقط وكل، فالتقطت وأكلت وأطعمت، فقال لي: ضم كلما يسقط من هذا الرطب واهد إلى مخلصي شيعتنا الذين أوجب الله لهم الجنة فلا يحل هذا الرطب إلا لهم، فأهدى إلى كل نفس منهم واحدة.
قال المفضل: فضممت ذلك الرطب وظننت أني لا أطيق حمله إلى منزلي، فخف علي حتى حملته وفرقته فيمن أمرني به ممن بالكوفة، فخرج بأعدادهم لا يزيد رطبة ولا ينقص رطبة فرجعت إليه، فقال لي: اعلم يا مفضل، أن هذه النخلة تطاولت وانبسطت في الدنيا، فلم يبق مؤمن ولا مؤمنة من شيعتنا إلا أكل منها بمقدار مضيك إلى منزلك ورجوعك إلينا، فهذا من فضل الله أعظم مما أعطي داود وإن كنا قد أعطيناه وأعطينا ما لم يعط كرامة من الله لحبيبه جدنا محمد (صلى الله عليه وآله)، وإن كنت من شيعتنا سترد إلينا وإليك من طول الدنيا وعرضها بأن النخلة وصلت إليهم جميعا، فطرحت إلى كل واحد منهم رطبة قال المفضل: فلم تزل الكتب ترد إليه وإلي من سائر الشيعة في سائر الدنيا بذلك، فعرفت والله عددهم من كتبهم[1].