روى أبو عيينة قال: (كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فدخل رجل فقال: أنا من أهل الشام أتولاكم وأبرأ من عدوكم، وأبي كان يتولى بني أمية، وكان له مال كثير، ولم يكن له ولد غيري، وكان مسكنه بالرملة، وكانت له جنينة.
يتخلى فيها بنفسه، فلما مات طلبت المال فلم أظفر به، ولا أشك أنه دفنه وأخفاه مني قال أبو جعفر: أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله؟ قال: إي والله إني فقير محتاج. فكتب أبو جعفر كتابا وختمه بخاتمه، ثم قال: انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه، ثم تنادي: يا درجان يا درجان، فإنه يأتيك رجل معتم.
فادفع إليه كتابي، وقل: أنا رسول محمد بن علي بن الحسين، فإنه يأتيك به، فاسأله عما بدا لك. فأخذ الرجل الكتاب وانطلق.
قال أبو عيينة: فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر (عليه السلام) لأنظر ما حال الرجل، فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له، فأذن [ له ] فدخلنا جميعاً، فقال الرجل: الله يعلم عند من يضع العلم، قد انطلقت البارحة، وفعلت ما أمرت، فأتاني الرجل فقال: لا تبرح من موضعك حتى آتيك به. فأتاني برجل أسود، فقال: هذا أبوك.
قلت: ما هو أبي. قال: [بل] غيره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم.
فقلت له: أنت أبي؟ قال: نعم. قلت: فما غيرك عن صورتك وهيئتك؟
قال: يا بني كنت أتولى بني أمية وأفضلهم على أهل بيت النبي بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فعذبني الله بذلك، وكنت أنت تتولاهم، فكنت أبغضك على ذلك، وحرمتك مالي فزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق يا بني إلى جنينتي فاحتفر تحت الزيتونة، وخذ المال (وهو مائة ألف وخمسون ألفا) فادفع إلى محمد بن علي (عليهما السلام) خمسين ألفا، والباقي لك.
ثم قال: فأنا منطلق حتى آخذ المال وآتيك بمالك)[1].