عن حماد بن حبيب الكوفي العطار قال: (انقطعت عن القافلة عند زبالة فلما أن أجنّني الليل أويت إلى شجرة عالية، فلما أن اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل عليه أطمار بيض تفوح منه رائحة المسك، فأخفيت نفسي ما استطعت فتهيأ للصلاة ثم وثب قائماً وهو يقول: يا من حاز كل شيء ملكوتاً، وقهر كل شيء جبروتاً، ألج قلبي فرح الإقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين لك، ثم دخل في الصلاة فلما رأيته وقد هدأت أعضاؤه وسكنت حركاته قمت إلى الموضع الذي تهيأ فيه للصلاة، فإذا أنا بعين تنبع، فتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه، فإذا بمحراب كأنه مُثِّل في ذلك الوقت، فرأيته كلّما مر بالآية التي فيها الوعد والوعيد يرددها بانتحاب وحنين، فلما أن تقشع الظلام وثب قائما وهو يقول: يا من قصده الضالون فأصابوه مرشدا، وأَمَّه الخائفون فوجدوه معقلا، ولجأ إليه العائذون فوجدوه موئلا، متى راحة من نصب لغيرك بدنه، ومتى فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد انقشع الظلام ولم أقض من حياض مناجاتك صدرا، صلِّ على محمد وآله وافعل بي أولى الأمرين بك، يا أرحم الراحمين، فخفت أن يفوتني شخصه وأن يخفى علي أمره فتعلقت به، فقلت: بالذي أسقط عنك ملاك التعب ومنحك شدة لذيذ الرهب إلا ما لحقتني منك جناح رحمة وكنف رقة فإني ضال، فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا ولكن اتبعني واقفُ أثري، فلما أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي وتخيل لي الأرض تميد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: أبشر فهذه مكة فسمعت الضجة ورأيت الحجة، فقلت له: بالذي ترجوه يوم الآزفة يوم الفاقة مَن أنت؟ قال: إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب)[1].