يذكر القاضي التستري في كتاب المجالس (ص463): أن أبا الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيز بن أبي محمد الخلعي (الخليعي) الموصلي الحلي -وهو شاعر أهل البيت (عليهم السلام)، الذي نظم فيهم فأكثر، ومدحهم فأبلغ، وهو ممن سكن الحلة إلى أن مات في حدود (سنة750هـ) ودفن بها وله هناك قبر معروف- ولد من أبوين ناصبيين، وأن أمه نذرت أنها إن رزقت ولداً تبعثه لقطع طريق السابلة من زوار الإمام السبط الحسين (عليه السلام) وقتلهم فلما رزقها الله ولداً وبلغ أشده عرفت إبنها بالأمر وزرعت فيه بغض شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص زوار الحسين (عليه السلام)، فأرسلته للوفاء بنذرها من قطع الطريق على زوار الإمام الحسين (عليه السلام) بل وقتلهم بعد!!! وبالفعل ذهب الولد لكي يفي بنذر أمه وتوجه إلى الطريق المؤدي إلى كربلاء المقدسة، حتى بلغ ضواحي المسيب بدأ ينتظر قدوم قوافل الزوار، وفي أثناء انتظاره لهم أعياه السفر وأجهده النظر حتى استسلم للنوم في طريق القوافل. فمرت إلى جانبه قافلة تسير كانت تحمل زوار الحسين (عليه السلام) ولكنه لم ينتبه من نومه حتى مضت هذه القافلة وتغطى غبارها وترابها على لحيته ووجهه وبدنه وثيابه!!
فرأى فيما يراه النائم كأن القيامة قد قامت وجاء دوره للحساب وأمر به إلى النار لأنه كان من المبغضين لأهل البيت (عليهم السلام) ومن الذين أرادوا قطع طريق زوار الإمام الحسين (عليه السلام)، ولكن أمراً حال دون أن يدخل النار، إذ رأى أن النار لا تحرقه لأن ما على بدنه من غبار قافلة الزوار تلك كان بمثابة حاجز يمنع النار من الوصول لبدنه!!!!!
فانتبه مرتدعاً عن نيته السيئة، قد عصفت به روح الهداية في قلبه وضميره ووجدانه، فأجهش بالبكاء نادما ًعلى ما مضى وقرر أن يتوب، ويعتنق ولاء العترة، فذهب إلى كربلاء مسرعاً نادماً تائباً يعتذر من شهيد كربلاء سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام). ويقال: إنه نظم عندئذ بيتين من الشعر في تلك الحادثة:
إذا شئت النجاة فزر حسينـا لكي تلقى الإله قرير عين
فإن النار ليس تمس جسمــا عليـــه غبار زوار الحسين