أن أفضل الزيارات لمراقد المعصومين (عليهم السلام) وأكثرها ثواباً في الإسلام بحسب الروايات الواردة هي زيارة مرقد سيّد الشهداء (عليه السلام) في كربلاء، ولم ترد مثل هذه التأكيدات والتوصيات بشأن زيارة أي إمام ولا حتى زيارة قبر الرسول(صلى الله عليه وآله)، وجاء في بعض الأحاديث أن زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) أفضل وأرجح حتى من زيارة بيت الله الحرام، وأن لها أجراً وثواباً يعادل أجر ما يزيد على مئة بل ألف حجة وعمرة، ويتبيّن من لحن الروايات وكأنها تريد الإيحاء إلى أنها في حدّ «الفريضة» على الشيعة، وتحبّذ عدم تركها لأي سبب أو خطر أو مانع، وترى في تركها جفاء له سلام الله عليه.
روى الصدوق في (ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فقيل لي: ادخل، فدخلت فوجدته في مصلاه، فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه وهو يقول: mيا من خصنا بالكرامة، وخصنا بالوصية، ووعدنا الشفاعة، وأعطانا علم ما مضى وما بقي، وجعل افئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي الحسين صلوات الله عليه الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم رغبة في برنا ورجاء لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضاك، فكافهم عنا بالرضوان، وأكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، وأصبحهم وأكفهم شر كل جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر شياطين الجن والإنس، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم، اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم خروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، وخلافاً منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله، وارحم تلك العين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس، وتلك الأبدان حتى توافيهم على الحوض يوم العطشn فما زال وهو ساجد يدعو بهذا الدعاء، فلما انصرف قلت: جعلت فداك، لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئاً، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج، فقال لي: ما أقربك منه، فما الذي يمنعك من زيارته؟!.. ثم قال: يا معاوية!.. لم تدع ذلك؟.. قلت: لم أدر أن الأمر يبلغ هذا كله، قال: يا معاوية!.. من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض، يا معاوية لا تدعه، فمن تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله وعلي وفاطمة والأئمة؟.. أما تحب أن تكون غداً ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر له ذنوب سبعين سنة؟.. أما تحب أن تكون غداً ممن تصافحه الملائكة؟.. أما تحب أن تكون غداً فيمن يخرج وليس له ذنب فيتبع به؟.. أما تحب أن تكون غداً ممن يصافح رسول الله؟)[1].
محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسن بن متيل الدقاق وغيره من الشيوخ، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين فإن إتيانه يزيد في الرزق، ويمد في العمر، ويدفع مدافع السوء، وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقر له بالإمامة من الله.
وعن محمد بن علي ماجيلويه، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب، عن الرضا (عليه السلام) في حديث ـ أنه قال له: يا ابن شبيب!.. إن سرك أن تلقى الله ولا ذنب عليك فزر الحسين.. يا ابن شبيب، إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي فالعن قتلة الحسين.. يا ابن شبيب، إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ذكرتهم: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لابن بكير الذي يتحدث عن مدى ما لقيه من خوف وهلع في الطريق إلى زيارة أبي عبد الله (عليه السلام): ألا تحب أن يراك الله فينا خائفا؟[2]
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في جوابه لزرارة حين سأله عن زيارة الحسين (عليه السلام) على خوف: إن الله يكتب له الأمان يوم القيامة[3].