الجفنة

عن جابر بن عبد الله أن النبي(صلى الله عليه وآله) أقام أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه، وطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئا، فأتى فاطمة(عليها السلام) فقال(صلى الله عليه وآله): «يَا بُنَيَّة هَلْ عندك شيء آكل؟ فإني جائع».

فقالت(عليها السلام): «لا والله، بأبي أنت وأمي».

فلما خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) من عندها، بَعَثَتْ إِليها جارةٌ لها بِرَغِيفَيْنِ، وقطعة لحم.

فأخذَتْهُ(عليها السلام) منها، ووضعته في جفنة، وغطت عليه، وقالت: «لأُوثِرَنَّ بها رسول الله(صلى الله عليه وآله) على نفسي، ومن عندي» وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبْعَة من طعام.

فبعثت حَسَناً أو حسيناً إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فرجع(صلى الله عليه وآله) إليها، فقالت(عليها السلام): «بأبي أنت وأمي قد أتانا الله بشيء فخبأتُه».

قال(صلى الله عليه وآله): «هَلُمِّي» فَأْتته، فكشفت(عليها السلام) عن الجفنة، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً.

فلما نظرَتْ(عليها السلام) إليه بهتَت، فعرفت أنها كرامة من الله عز وجل، فحمدت الله، وصلّت على نبيه(صلى الله عليه وآله).

فقال(صلى الله عليه وآله): (من أين لك هذا يا بُنَيَّة؟).

فقالت(عليها السلام): (هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب).

فحمد الله عز وجل، وقال: (الحمد لله، جعلك شبيهة بسيِّدة نساء العالمين في بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رَزَقها الله تعالى، فسُئلت عنه، قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب).

فبعث رسول (صلى الله عليه وآله) إلى علي(عليه السلام)، ثم أكل رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليه السلام)، وجميع أزواج النبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته جميعاً وشبعوا، وبقيت الجفنة كما هي.

قالت فاطمة (عليها السلام): «فأوسعت منها على جميع جيراني، وجعل الله فيها البركة، والخير كما فعل الله بمريم (عليها السلام)»[1].

 


[1] بحار الأنوار: ج43، ص69.