قال سلمان (عليها السلام): خرجت إلى فاطمة(عليها السلام)، فقالت: جفوتموني بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله). ثم قالت: اجلس، فجلست، فحدثتني أنها كانت جالسة أمس، وباب الدار مغلق، قالت: وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنّا، وانصراف الملائكة عن منزلنا بوفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا انفتح الباب من غير أن يفتحه [منّا] أحد، فدخلت عليّ ثلاثُ جوارٍ من الحور العين من دار السلام، وقُلْنَ: نحن من الحور العين من دار السلام، أرسلنا إليكِ رب العالمين، يا ابنة محمد كنا مشتاقاتٌ إليكِ.
فقلتُ لواحدة منهنَّ - أظن أنها أكبرهن سنا -: ما اسمكِ؟ قالت: أنا مقدودة، خُلقتُ للمقداد بن الاسود. وقلتُ للثانية: ما اسمكِ؟ قالت: (ذرة، خُلقتُ لابي ذر. وقلتُ للثالثة: ما اسمكِ؟ قالت: سلمى، خُلقتُ لسلمان الفارسي). ثم قالت فاطمة: أخرجْنَ لنا طبقا عليه رطب أمثال الخشكنانك[1] الكبار، أشدّ بياضا من الثلج، وأذكى ريحا من المسك الاذفر[2]، وقد أحرزتُ نصيبكَ [لأنّكَ مِنّا أهل البيت] فأفطِر عليه، وإذا كان غدا فأتني بنواه. قال سلمان: فأخذتُ الرطب فما مررتُ بجماعةٍ إلا قالوا: معكَ مسك؟! فأفطرتُ عليه، فلم أجد له نواة، فغدوتُ إليها وقلتُ: يا ابنة رسول الله لم أجد له عجما. قالتْ: يا سلمان إنما هو نخل غرسه الله لي في دار السلام بكلام علَّمْنِيه رسولُ الله(صلى الله عليه وآله) ، قال لي: إن سرَّكِ أن لا تمسّكِ الحُمَّى في دار الدنيا فواظبي عليه وقولي:(بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبر الامور، بسم الله الذي خلق النور، الحمد لله الذي أنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، بقدر مقدور، على نبي محبور، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور، وبالفخر مشهور، وعلى السراء والضراء مشكور). قال سلمان: فتعلمته، وعلَّمته أكثر من ألف إنسان ممن به الحمى، فكلهم برؤا بإذن الله)[3]. [4]
[1] خشكنانك: معرب خشكنانه، وهو الخبز السكري الذي يختبز مع الفستق واللوز.
[2] الذفر: شدة ذكاء الريح من طيب أو نتن.
[3] أورد الدعاء الكفعمي في البلد الامين: 51 مرسلا، فيما يدعى به بعد صلاة الفجر وقال في آخره: يقال بكرة وعشية، وفي ص 527 اورده مرسلا، للحمى وغيرها.
[4] الخرائج والجرائح، ابن هبة الله الرّاوندي: ج2، ص 533-535.