عن عبد الواحد بن زيد أنه قال: (كنت حاجاً إلى بيت الله الحرام، فبينا أنا في الطواف إذ رأيت جاريتين واقفتين عند الركن اليماني، إحداهما تقول لأختها: لا وحق المنتجب بالوصية، والحاكم بالسوية، العادل في القضية، العالي البنية الصحيح النية، بعل فاطمة المرضية، ما كان كذا وكذا.
قال عبد الواحد: وكنت أسمع، فقلت: يا جارية من المنعوت بهذه الصفة؟
فقالت: ذاك والله عَلَمُ الأعلام: وباب الأحكام، وقسيم الجنة والنار، وقاتل الكفّار والفجّار، ورباني الأمة ورئيس الأئمّة، ذاك أمير المؤمنين وإمام المسلمين، الهزبر الغالب، أبو الحسن عليّ بن أبي طالب.
قلت: من أين تعرفين عليا؟
قالت: وكيف لا أعرف مَن قتل أبي بين يديه في يوم صفّين، ولقد دخل على أمي ذات يوم، فقال لها: كيف أصبحتِ يا أم الأيتام؟ فقالت له [أمي]: بخير يا أمير المؤمنين، ثمّ أخرجتني وأختي هذه إليه، وكان قد أصابني من الجدري ما ذهب [به] - والله - بصري، فلما نظر إليّ تأوّه، ثمّ طفق يقول:
ما إن تأوّهت من شيء رزيت به
كما تأوّهت للأطفال في الصغر
قد مات والدهم مَن كان يكفلهم
في النائبات وفي الأسفار والحضر
ثمّ أمرَّ بيده المباركة على وجهي، فانفتحت عيناي لوقتي وساعتي، فوالله يا بن أخي، إني لأنظر إلى الجمل الشارد في الليلة الظلماء، كل ذلك ببركة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، ثم أعطانا شيئاً من بيت المال، وطيّب قلبنا، ورجع)[1].