رفقه (صلى الله عليه وآله)

كان (صلى الله عليه وآله) لا يترك أحداً حتى يرضيه، وإذا غضب عليه إنسان ثم رضي عنه كان يطلب منه أن يعلن لأصحابه أنه رضي عنه.

وقد ورد: أن أعرابيّاً جاءه يوماً يطلب منه شيئاً فأعطاه (صلى الله عليه وآله) ثمّ قال له: أحسنتُ إليك؟ فقال الأعرابيّ: لا ولا أجملتَ، قال: فغضب المسلمون وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفّوا، ثمّ قام ودخل منزله وأرسل إلى الأعرابيّ وزاده شيئاً، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): أحسنتُ إليك؟ فقال الأعرابيّ: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله): إنّك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي شيء من ذلك فإن أحببتَ فقل بين أيديهم ما قلتَ بين يدي حتّى يذهب من صدورهم ما فيها عليك، قال: نعم، فلمّا كان من الغد أو من العشيّ جاء فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): إنّ هذا الأعرابيّ قال ما قال، فزدناه فزعم أنّه رضي لذلك، فقال الأعرابيّ: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا، فقال (صلى الله عليه وآله): إنّ مَثلي ومَثل هذا الرّجل الأعرابيّ كمَثل رجل كانت له ناقة شردت عليه فاتبعها النّاس فلم يزيدوها إلا نفورا، فناداهم صاحب الناقة خلَّوا بيني وبين ناقتي فإنّي أرفق بها وأعلم، فتوجّه إليها صاحب الناقة بين يديها فأخذ لها من قمام الأرض فردّها هونا هونا حتّى جاءت واستناخت وشدّ عليها رحلها واستوى عليها، وإنّي لو تركتكم حيث قال الرّجل ما قال، فقتلتموه دخل النّار)[1].

 


[1]     المحجة البيضاء للفيض الكاشاني: ج4، ص 149.