تشاوره (صلى الله عليه وآله)

قال تعالى موجهاً خطابه إلى نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله): (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)[1].

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لمَّا نزلت:  (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أما أنَّ الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله رحمةً لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غياً)[2].

ولأهمية التشاور فقد وردت الأحاديث الكثيرة في الحثّ على التشاور، كقول الرسول (صلى الله عليه وآله): (استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا)[3]، وقوله (صلى الله عليه وآله): (من استشاره أخوه فأشار عليه بغير رشده فقد خانه)[4]، وقول الإمام الحسن(عليه السلام):  (ما تشاور قوم قط إلاّ هدوا وأرشدَ أمرُهم)[5].

وهذا دليل واضح على أهمية التشاور، فالإنسان فقير بنفسه، غنيٌ بإخوانه وأقرانه، فهو لوحده ضعيف، وبتفرده في رأيه متسلّط ومنبوذ، وبانطوائيته وانعزاله إمَّا متعال أو مريض.

وكما أنَّ الرسول (صلى الله عليه وآله) يحثّ أصحابه على التشاور، فهو أكثرهم تشاوراً كما روي عن أبي هريرة أنَّه قال: (ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) )[6].

وقيل: إنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد شاور أصحابه في أكثر من مرَّة ومناسبة، حتَّى نزل في مناسبة حرب أحد قوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ * إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ)[7].

ومن ذلك أيضاً استشارته لأصحابه في غزوة الخندق[8]، وفي مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق على ثلث ثمار المدينة[9].

 


[1]     آل عمران: آية 159.

[2]     الصحيح من سيرة النبي للسيد جعفر العاملي: ج7، ص89.

[3]     الأمالي للشيخ الطوسي: ص153.

[4]     المستدرك للحاكم النيسابوري: ج1، ص103.

[5]     بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج75، ص105.

[6]     السنن الكبرى أحمد بن الحسين البيهقي: ج9، ص218.

[7]     سورة آل عمران: الآيات 159 -160.

[8]     معالم المدرستين لمرتضى العسكري: ج1، ص174.

[9]     الإرشاد للشيخ المفيد: ج1، ص96.