شجاعته (صلى الله عليه وآله)

(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاس إِنَّ النَّاس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[1].

كان النبي (صلى الله عليه وآله) يمتلك من الشجاعة والقوَّة ما لا يمتلكه سواه، فقد كان أشجع النَّاس، حضر المواقف الصعبة، وانهزم بين يديه الأبطال في أكثر من واقعة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وهذا ما يمكن أن ندركه من خلال ما جاء عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) حيث قال: (لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو أقربنا إلى العدو، وكان أشدَّ النَّاس يومئذ بأساً)[2]، وعن ابْنِ عَبَّاس أيضاً قال: (حسْبُنَا اللهُ ونِعْمَ الْوكِيلُ، قَالَهَا إبْراهِيمُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حينَ أُلْقِى في النَّارِ، وَقالهَا مُحمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) حيِنَ قَالُوا: إِنَّ النَّاس قَدْ جَمعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً وقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوكِيلُ)[3].

ويوم حنين لما التقى المسلمون والكفار ولّى بعض المسلمين مدبرين، والرسول محمد (صلى الله عليه وآله) لم يفر، بل بقي يقاتل وهو يقول: (اللهم إنَّك أذقت أوَّل قريش نكالاً فأذق آخرها نوالاً، وتجالد المسلمون والمشركون، فلمَّا رآهم النبي (صلى الله عليه وآله) قام في ركابَي سرجه حتى أشرف على جماعتهم وقال: الآن حمي الوطيس، أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، فما كان بأسرع من أن ولَّى القوم أدبارهم، وجيء بالأسرى إلى رسول الله مكتّفين)[4].

وعن أنس قال: (كان رسول الله أشجع النَّاس، وأحسن النَّاس، وأجود النَّاس، قال: فزع أهل المدينة ليلةً فانطلق النَّاس قِبَل الصوت، قال: فتلقَّاهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد سبقهم وهو يقول: لن تراعوا، وهو على فرس لأبي طلحة وفي عنقه السيف، قال: فجعل يقول للنَّاس: لم تراعوا وجدناه بحراً، أو أنَّه لبحر)[5].

 


[1]     سورة آل عمران: آية 173.

[2]     ميزان الحكمة محمد الريشهري: ج3، ص2240  .

[3]     صحيح البخاري: ج5، ص172.

[4]     الإرشاد للشيخ المفيد:ج1، ص133.

[5]     بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج16، ص232.