ولد النبي (صلى الله عليه وآله) في عام الفيل (570م) باتفاق كتّاب السيرة، ورحل عن الدنيا في (632م) عن 62 أو 63 عاماً، كما اتفقوا على أنه ولد في شهر ربيع الأول، ولكن اختلفوا في يوم الولادة، فقال الشيعة: إنه يوم الجمعة السابع عشر منه، أما السنة، فقد عيّنوا يوم الاثنين الثاني عشر من الشهر نفسه[1].
وقد وقعت يوم ولادته أحداث عجيبة، كما يروي لنا ذلك الإمام الصادق(عليه السلام)
حيث يقول: (كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع، فلما ولد عيسى حُجب عن ثلاث سماوات، وكان يخترق أربع سماوات، فلما ولد رسول الله حجب عن السبع كلها، ورميت الشياطين بالنجوم وقالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن أمية ـ وكان من أزجر أهل الجاهلية ـ انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شيء، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث، وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي (صلى الله عليه وآله)
ليس منها صنم إلا وهو مُنكبٌّ على وجهه، وارتجّ في تلك الليلة إيوان كسرى، وسقطت منه أربعة عشر شرفة، وفاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة، وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة، وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا الا أصبح منكوساً والملك محزوناً لا يتكلم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب وسموا آل الله)[2].
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: (لما ولد (صلى الله عليه وآله) انكبّت الأصنام في الكعبة على وجوهها، ولما حلّ الليل سمع هذا النداء من السماء: (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)[3] وأشرقت الدنيا كلها في هذه الليلة وضحك الحجر والمدر، وسبح لله ما في السماوات والأرضين، وبكى إبليس وقال: خير الأمة وأفضل الخلائق وأكرم العباد وأعظم العالمين محمد (صلى الله عليه وآله)).
ويروي الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتابه (الاحتجاج) عن الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) قوله: (... ومحمد (صلى الله عليه وآله) سقط من بطن أمه واضعاً يده اليسرى على الأرض ورافعاً يده اليمنى إلى السماء، ويحرّك شفتيه بالتوحيد، وبدا مِن فِيه نور رأى أهل مكة منه قصور بُصرى والشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من اصطخر وما يليها، ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي (صلى الله عليه وآله) حتى فزعت الجن والإنس والشياطين، وقالوا: حدث في الأرض حدث، ولقد رأت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل، وتسبّح وتقدّس، وتضطرب النجوم وتتساقط، علامة لميلاده.
ولقد همّ إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له مقعد في السماء الثالثة والشياطين يسترقون السمع، فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع، فإذا هم قد حُجبوا عن السماوات كلّها، ورموا بالشهب دلالة [جلالة] لنبوته (صلى الله عليه وآله))...[4] انتهى.