إمام المسلمين

لو يسأل سائل: هل أن قضية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) قضية مختصة بعقيدة الشيعة فقط؟

فإنه لا يعيا المجيب جهداً في استكشاف الجواب، بل ليس له إلا أن يبرق ببصره في مجموعة غير قليلة من كتب الحديث لمختلف الفرق الإسلامية، ليجد نور الجواب يسعى بين يديه، كيف وهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكرّر ويكرّر هذه العقيدة الحقّة.

فتارة يبشر رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسلمين بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في ضمن الأئمة الإثني عشر، وأنه هو الثاني عشر، وتارة أخرى يخبر عنه أنه من ولد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وأنه من صلب الحسين (عليه السلام).

فإنه (صلى الله عليه وآله) كان يُخبر عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في مناسبات عديدة ومواقف كثيرة ومواطن حساسة جداً، مما يدل على أهمية الموضوع غاية الأهمية، وإلّا فما الداعي إلى هذا الاهتمام وإلى هذه العناية بالموضوع، والإلحاح والتكرار والتركيز في الإخبار عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟!

ويمكننا الآن أن نستعرض بعضاً من تلك الأخبار:

1-   عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنَّ خُلَفائي وأوصِيائي وحُجَجُ اللهِ عَلَى الخَلقِ بَعدِي اثنا عَشَرَ: أوَّلُهُم أخي وآخِرُهُم وَلَدي، قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، ومَن أخوكَ؟ قالَ: عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ، قيلَ: فَمَن وَلَدُكَ؟ قالَ: المَهدِيُّ الَّذي يَملَؤُها قِسطاً وعَدلاً كَما مُلِئَت جَوراً وظُلما، وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ نَبِيّاً، لَو لَم يَبقَ مِنَ الدُّنيا إلّا يَومٌ واحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذلِكَ اليَومَ حَتّى يَخرُجَ فيهِ وَلَدِي المَهدِيُّ، فَيَنزِلُ روحُ اللهُ عيسَى بنُ مَريَمَ فَيُصَلّي خَلَفَهُ، وتُشرِقُ الأَرضُ بِنورِهِ، ويَبلُغُ سُلطانُهُ المَشرِقَ وَالَمغرِبَ»[1].

2-   عن حذيفة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «المهْدِىُّ رَجُلٌ مِن وُلدي، وَجْهُهُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ»[2].

3-   عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتّى تَمتَلأ الأَرضُ ظُلمَاً وَعُدواناً، قال: ثُمَّ يَخرُجُ رَجلٌ مِنْ عِترَتِي ]أَو مِن أَهلِ بَيتِي [يَملأُها قِسطَاً وَعَدلًا، كَمَا مُلِئَتْ ظُلماً وَعُدواناً»[3].

4-   عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أَفْرَقَ الثَّنَايَا، أَجْلا الْجَبْهَةِ، يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جُوراً يَفِيضُ الْمَالُ فَيْضَاً»[4].

5-   عن عبد الله بن مسعود قال: قال(صلى الله عليه وآله): «لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَافِقُ اسْمُهُ اسْمِي»[5].

6-   وفي كنز العمال، قال: عَن عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ(عليه السلام) قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله): (أَمِنّا آلُ محمدٍ المْهديُّ(عجل الله تعالى فرجه الشريف) أمْ من غَيْرِنا؟ فَقَالَ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله): لا بلْ مِنّا يَخْتِمُ اللهُ به الدِّينَ كَمَا فَتَح بِنا)[6].

7-   قَالَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله): (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟)[7].

تنوير:

  مسألة العقائد تتعلق بالعقول والألباب، وهو ما أشار إليه الحديث: (إِنَّ أَوَّلَ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلُ، فَقَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ، فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، بِكَ آخُذُ وَبِكَ أُعْطِي، وَبِكَ أُثِيبُ وَبِكَ أُعَاقِبُ)[8].

  فمن أراد أن ينهل العذب والصحيح والدر الثمين أن يتخلص من شوائب الفكر مما يرجع إلى العناد والتعصب والجهل من الأفكار، فإنه سيجد النور ساطعاً، والحق ناصعاً، مما ينفعه عزاً في الدنيا، وكرامة وشرفاً في الآخرة.   

مجلة اليقين، العدد (37)

 


[1] كشف الغمة، الإربلي: ج3، ص312.

[2] ينابيع المودة، القندوزي: ج4، ص309.

[3] مستدرك الصحيحين: ج ٤، ص ٥٥٧.

[4] كشف الغمة: ج3، ص270.

[5] الطبراني الكبير: ج 10، ص161.

[6] كنز العمال: ج١٤، ص٥٩٨.

[7] صحيح البخاري: ح3193.

[8] السرائر، ابن إدريس الحلي: ج3، ص621.