الأَذان: هو إعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، فقد قال تعالى: (وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ..)[1]، فهو من الشعائر العظيمة للدين، وعنوان دار الإسلام، فيستحب الأذان والإقامة في الفرائض اليومية أداءً وقضاءً، حضراً وسفراً، في الصحة والمرض، للجامع والمنفرد، رجلاً كان أو امرأة، وإذا أردت الأذان فارفع صوتك به، فعن أبي عبد الله ((عليه السلام)) قال: (كان طول حائط مسجد رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) قامة، فكان يقول (صلى الله عليه وآله) لبلال إذا دخل الوقت: يا بلال اعلُ فوقَ الجدارِ، وارفع صوتَكَ بالَأذانِ، فإن الله قد وَكّل بالأذان ريحاً ترفعه إلى السماء، وإن الملائكة إذا سمعوا الأذان من أهل الأرض قالوا: هذه أصوات أمة محمد (صلى الله عليه وآله) بتوحيد الله عز وجل، ويستغفرون لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) حتى يفرغوا من تلك الصلاة)[2].
واعلم أنّ للمؤذّن مثل أجر الشّهيد المتخبط بدمه، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (للمؤذن فيما بين الأذان والإقامة مثل أجر الشهيد المتشحط بدمه في سبيل الله، قلت يا رسول الله: إنهم يجتلدون على الأذان، قال: كلا إنه يأتي على الناس زمان يطرحون الأذان على ضعفاهم، وتلك لحوم حرمها الله على النار في سبيل الله)[3].
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (مَنْ أَذَّنَ عَشَرَ سِنِينَ مُحْتَسِباً، يَغْفِرُ اللهُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَصَوْتِهِ فِي السَّمَاءِ، وَيُصَدِّقُهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَهُ، وَلَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ فِي مَسْجِدِهِ سَهْمٌ، وَلَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ يُصَلِّي بِصَوْتِهِ حَسَنَةٌ)[4].
وقد ثبت للأذان والإقامة في الشريعة الإسلامية استحبابهما، لأمور حياتيّة واجتماعيّة كثيرة ليس في الصلاة فحسب، كاستحباب الأذان والإقامة في أُذني حديث الولادة، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (مَن وُلِدَ لَهُ مَولودٌ، فَليُؤَذِّن في أُذُنِهِ اليُمنى بِأَذانِ الصَّلاةِ، وَلْيُقِمْ فِي اليُسرى؛ فَإِنَّها عِصمَةٌ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ)[5].
وربما يكون الأذان علاجاً للعقم، ولأمراض أخر، فقد ورد عن هِشَامِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنهُ شَكَا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ((عليه السلام)) سُقْمَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُولَدُ لَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالْأَذَانِ فِي مَنْزِلِهِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللهُ عَنِّي سُقْمِي، وَكَثُرَ وُلْدِي[6].
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه دخل عليه رجل من مواليه، وقد وعك، فقال له (عليه السلام): (ما لي أراك متغيِّر اللون؟ فقال الرجل: جُعِلتُ فداك، وعكتُ وعكاً شديداً منذ شهر، ثمّ لم تنقلع الحمّى عنّي، وقد عالجتُ نفسي بكل ما وصفه لي المترفقون، فلم أنتفع بشيء من ذلك، فقال له الإمام الصادق (عليه السلام): حلَّ أزرار قميصك، وأدخل رأسك في قميصك، وأذِّن، وأقِم، واقرأ سورة الحمد سبع مرات، فقال الرجل: ففعلتُ ذلك، فكأنّما نشطتُ من عقال)[7].
وقد يقرأ الأذان لسعة الرزق والمباركة فيه، كما شكا رجل الفقر للإمام الصادق ((عليه السلام))، فقال له (عليه السلام): (أذِّن كلَّما سمعت الأذان كما يُؤذّن المؤذّن)[8].
فترشح مما سبق أن تشريع الأذان لم يكن لتعيين وقت الصلاة خاصّة، بل لإكتناف هذه الشعيرة الإسلاميّة، وكذا الإقامة أسراراً عالية، ومعانٍ باطنيّة عميقة ذكرنا بعضها، فلا ينبغي تركهما من المؤمنين أيدهم الله تعالى، لا سيما في صلواتهم.
مجلة اليقين، العدد (30)