قال الله تعالى في كتابه الكريم: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)[1].
من السنن الكونية التي تعمدت السماء بإخفائها هي موعد قيام الساعة، ولم تُوقِّت لها موعداً ووقتاً معيناً، وأناط اللهُ تعالى علمها وتوقيتها بإرادته ومشيئته، فهي باقية هكذا حتى يأذن الله تعالى في قيامها وتحققها.
وإِنّ أسلوب الإِخفاء هذا له مغزىً وهدفٌ تربويٌّ للمؤمنين، لأن فعله تعالى مطوي على مصالح عظيمة، وفي نفس الوقت هو تحذيرٌ للجاحدين بموعد الساعة، وإنذار لهم.
فأَمّا المؤمنون فتأثير ذلك عليهم: بأنَّ توقيتَ الساعة لأَجل غير معلوم له تأثيرٌ عميقٌ على الإِيمان بالقيامة، لاحتمال حصول اليوم الموعود في أية لحظة من اللحظات، فيكون المؤمن مستعداً ومتهيأً في كل حركاته وسكناته.
وأَمّا من يُمار بالسَّاعة وينكرها: فيصفه القرآن بالضّلال البعيد، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)[2].
تعتبر الحياة الدُّنيوية بحدِّ ذاتها دليلاً على الآخرةِ، على أَنها مُقدّمة لعالم آخر، وبدونهِ سيكون خلقُ حياتِنا الدُّنيوية عبثاً، وليس لها أَيُّ معنى، وهذا ما لا يتناسب مع حكمةِ الخَالق، ولا مَع عدالتهِ، فلذا وَصَف الله تعالى الذين لا يؤمنون بالآخرة بالضَّلال البعيد، ولقيام الساعةِ علاماتٌ أَشارت إِليها الآية المباركة، فقد قال تعالى: (أَشراطها) أَي:
إِنّ للساعة علامات ومقدمات، وقد وَرَدت في أَحاديث كثيرةٍ عن النبي(صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيت العصمة(عليهم السلام)، ومن أَهمِّها ظهورُ الإِمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فقد قال(صلى الله عليه وآله): «لا تَقومُ الساعةُ حَتّى يخرجَ رَجُلٌ مِن أَهلِ بَيْتي فَيضربُهم حَتّى يَرْجِعوا إِلى الحَقِّ»[3].
ومنها: الزلازل والكسوفان، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): «إِن الزِّلازلَ والكسوفين والرِّياح الهائلة من علامات الساعة، فإِذا رأيتم شيئاً من ذلك فتذكروا قيامَ القيامةِ، وافزعوا إِلى مَساجدِكم»[4].
وهناك علامات أُخر للساعة أَشار إِليها النَّبيُّ الأَكرم(صلى الله عليه وآله): إِذ قال: «معاشرَ النَّاسِ أَلا أُخبركم بأَشراطِ السَّاعةِ، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من أَشراطِ السَّاعةِ إِضاعةُ الصَّلواتِ، وإِتباعُ الشَّهوات، والميلُ مع الأَهواءِ، وتَعظيمُ المَالِ، وبيعُ الدِّين بالدُّنيا، فعندها يَذوبُ قَلبُ المُؤمنِ في جَوْفهِ كَمَا يذوبُ المِلحُ في المَاء، مما يُرى مِن المُنكرِ فلا يَستطيعُ أَن يَغيّرَهُ، فعندَها يَليهم أُمراءُ جَوَرةٌ، وَوِزَراءُ فسقةٌ، وَعُرفاءُ ظَلَمةٌ، وَأُمناءُ خَوَنةٌ، فيكون عِندهُم المُنكر مَعْروفاً، والمَعروفُ مُنْكَراً»[5].
مجلة اليقين، العدد (26)