عندما يستعين إِنسانٌ بآخر في تحقيقِ مُرادهِ ومقصوده مع اعتقادهِ بأُلوهيتهِ، ولا يَجْعله شريكاً للباري، وإِنما يعتقد أَنه إِنسان مثله، إِلا أَنَّ اللهَ خلقه قادراً مستطيعاً، بحيث يتمكن من إِعانته في قضاء غايته، فلا يكون هذا شِرْكا قطعاً، فالشركُ أَمرٌ قلبيٌّ، ولا ينسبُ أَيُّ عاقلٍ من يفعل ذلك إِلى الشرك، وإِنَّ نسبَهُ فهو إِما جاهل به أَو مغرض! وإِذا أَحبَّ اللهُ عَبْداً جعل حوائِجَ النَّاس إِليه، لتوسُّمِهم الخير فيه، وعقد الآمال عليه، فهناك إنسان يعيش للآخرين، وهناك إِنسان يُسَخِّر الآخرين له، وشتّان بين الإِثنين، والنبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار(عليهم السلام) أَعطوا كلَّ شيءٍ لوجهِ الله، فقد ملكوا القلوب بكمالهم، والشيعة متفقة أَن شخصاَ لو اعتقد بربوبيةِ أَحدهم(عليهم السلام) أَو جعله شريكاً للباري في الذات والصفات والأَفعال، فهو مُشرك مطرودٌ من رحمةِ اللهِ، ويجب الاجتناب عنه، فقولنا (يا علي أَدركني) وأَمثاله، ليس معناه: يا علي أَنت اللهُ فأَدركني! ذلك لأَنَّ اللَه سبحانه جعل الدنيا دارَ وسائلٍ وأَسبابٍ، قالَ الإِمامُ الصَّادِقُ (عليه السلام): «أَبَى اللهُ أَن يجري الأَشياء إِلا بأَسباب..»[1].
فنحن نعتقد أَن النبي وآله هم وسيلة النجاة في الشدائد، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)[2]، فآل محمد(صلى الله عليه وآله) هم الوسيلة، وقد عبّر عنهم علماء العامة بذلك أَيضاً، كالحافظ أَبي نعيم في: (نزول القرآن في علي)، وقال الثعلبي في تفسيره: أن المراد من الوسيلة في الآية المباركة عترة الرسول وأَهل بيته، فهم (عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)[3]، فهم واسطة الفيض الرَّباني.
وعن يعقوب السراج قال: قلت لأَبي عبد الله (عليه السلام)، تبقى الأَرض يوماً بغيرِ عالمٍ منكم يَفزعُ النَّاسُ إِليه؟ فقال لي: «إِذاً لا يُعبدُ اللهُ، يا أَبا يُوسُف لا تَخلوا الأَرضَ من عالِمٍ مِنّا، ظاهرٍ يَفزعُ النَّاس إِليه..»[4].
مجلة اليقين، العدد (25)