الجدل: هو شدّة الفَتْل، كفتل الحبل، والجدال: فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحِجَاجِ فيه، فإنَّ كل واحد من الخصمين يروم أَن يُلقي صاحبه على الخطأ ومجانبة الصواب، وهو عموماً مفاوضة و منازعة في القول على سبيل المغالبة والعلو على الآخرين في الرأي، وثبت النهي عنه بالروايات المتواترة لا سيما المراء في الله عز وجل، لأَنه يؤدي إلى ما لا يليق به، فسئل الإمام الصادق(عليه السلام) عن قول الله عزو جل: (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى)[1]، قال (عليه السلام): «إذا انتهى الكلام إلى الله تعالى فأَمسِكوا، وتَكلّموا فيما دون العرش، ولا تَكلّموا فيما فوق العرش، فإِن قوماً تكلّموا فيما فوق العرش فتاهت عقولُهم، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه فيجيب من بين يديه»[2]، ويُقصد هنا التكلم فيما فوق العرش كناية عن التفكر في كنه ذاته.
والجَدَل في أُمور الدِّين منهي عنه أَيضاً، وقد ورد النهي عنه عن طريق أهل البيت (عليهم السلام)، قال أَمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة الوسيلة: «.. ومَنْ طَلَبَ الدِّينَ بالجَدَلِ تَزَنْدَقَ..»[3]، وعَن أَبي عبدِ الله(عليه السلام) قال: (يَهْلِكُ أَصحابُ الكَلامِ، ويَنجو المُسلمونَ، إِنَّ المُسلمينَ هُمُ النُّجباء)[4].
نعم: الاحتجاج على المخالفين بالنقاش والجدل لمن يحسن الكلام فهو أمرٌ حَسَنٌ ومَطْلوبٌ، وأَمّا على من لا يُحسنهُ فهو عليهِ محظورٌ وممنوعٌ، فقال الصادق (عليه السلام): «حاجّوا النَّاسَ بِكلامي، فإِن حاجّوكم كُنتُ أَنا المَحْجُوجَ لا أَنْتُم»[5].
مجلة اليقين، العدد (24)