يختلف معنى الإمامة عند الشيعة عما هو في المذاهب الأخرى، فهي تعني الخلافة المطلقة لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيخلفه الإمام في كل شيء، ويكون نسخة عنه من فعل وقول وتقرير، بفارق واحد وهو عدم نزول الوحي عليه، فالنبي يوحى إليه، وأما الإمام فلا، فالنبي شخص يختاره الله تعالى ويصطفيه ليكون وسيطا بينه وبين الناس ليبلّغ رسالاته وتعاليمه بحلقة وصل وهي الوحي، وأما الإمام فليس كذلك، نعم له ملاك وظيفة رسول الله بصلاحياتها العريضة.
وبعد تسليمنا بما تقدم، نسأل: هل يمكن أن يكون الإمام صبيا؟.
للإجابة عن ذلك نقول: إن كان السن مقياسا ويهب الفرد قيمة وتقديرا عند الناس، فليس ذلك بمقياس عند الله، بل يتبع الإمكانيات والموهبة والتميّز عما عداه، فالمرء بأصغريه قلبه ولسانه، وإذا أمكن أن يكون النبي صبيا عند الله كما في قوله: (يا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)[1]، بل أبعد منه متخذا من عيسى(عليه السلام) نبيا وهو في المهد، كقوله تعالى: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)[2]، ناهيك على أن الإمامة لا تكون إلا بعد الإيمان الكامل بقدرة الله على وضع جميع الفضائل في فرد يكون قدوة للخلق وملجأً لهم، كما في حادثة علي بن جعفر عم الإمام الرضا (عليه السلام) عندما كان في المسجد النبوي وحوله بضعة رهط، إذ دخل عليه الإمام الجواد (عليه السلام) وهو فتى يافع، فوثب علي بن جعفر يقبل يديه، فلامه الحضور عما فعل وهو عم أبيه، فأجابهم: إذا كان الله ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهل هذه الشيبة وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، أُنكر فضله! نعوذ بالله مما تقولون بل أنا عبد له[3]، فلِم الاعتراض على إمامة آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟؟.
مجلة اليقين، العدد (23)