البَرْزَخ هو الحاجز بين شيئيْن بين الموت والبعْث، كقوله تعالى: (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ)[1]، فهو الحياة ما بعد موت الإنسان إلى يوم القيامة، فقال تعالى: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[2]، ففيه تبدأ مرحلة جديدة تتصف بالحساب على ما أسلفه الإنسان في الحياة الدنيا، فعن عمرو بن يزيد قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني سمعتك وأنت تقول: كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم؟ قال (عليه السلام): «صَدَقتُك كلهم والله في الجنة»، قلت: جعلت فداك إن الذنوب كثيرة كبار؟ فقال (عليه السلام): «أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أووصي النبي، ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ». قلت: وما البرزخ؟ قال (عليه السلام): «القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة»)[3].وأول منازل الحياة البرزخية القبر وأحواله وأهواله التي تبدأ بضمة القبر التي لا يسلم منها عبد قط، (وثبت عن النبي(صلى الله عليه وآله) أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه)[4]، وسؤال الملكين الذي يتم من خلاله تحديد مصير العبد، فيرى مقعده من الجنة ويفسح له في قبره إن كان عبداً صالحاً مات على العقيدة القويمة، فيبقى منعما، ويضيق عليه إن لم يكن كذلك، فيكون قبره حفرة من حفر النار، يرى حرها وعذابها إلى يوم يبعثون، ويعي الميت فيها تسليم المسلم عليه، ويسمع خطاب كل من يزور هو يعرفه بعينه، وتختلف الحياة البرزخية عن الحياة الدنيوية والأخروية بأن تسمو النفس فيها على كل من الجسد والروح، وتكون الروح ذات صلة دائمة بالبدن فهي تتعلق به تعلقا خاصاً، فإنها وإن فارقت الجسد وانسلخت عنه عند قبضها، فإنها لا تفارقه بشكل كلي، وإنما تعود إليه أحياناً، كعودتها فور سؤال الملكين للميت، ومع ذلك تبقى هنالك الكثير من الحقائق التي لا يعلمها إلا الله ولا يدركها إلا الميت نفسه.
مجلة اليقين، العدد (21)