لا شك في عصمة الزهراء(عليها السلام)، بما روي في أبوا ب مناقبها ووجوب التمسك بأهل البيت، وعدم التخلف عنهم، ولا يكون ذلك ثابتاً لأحد إلا إذا كان معصوماً، لقول النبي (صلى الله عليه وآله): «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي»[1]، وخير دليل عليه آية التطهير، فعن أبي جعفر(عليه السلام) فيقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِب َعَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْل َالْبَيْت ِوَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)[2]، قال: «نزلت هذه الآية في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين»، وقال زيد بن علي بن الحسين(عليه السلام): «إن جهالا من الناس يزعمون إنما أراد الله بهذه الآية أزواج النبي(صلى الله عليه وآله) وقد كذبوا وأثموا وأيم الله، لوعنى بها أزواج النبي لقال: (ليذهب عنكن الرجس ويطهركن تطهيرا)»[3]، وما ورد في الأخبار عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أن الله تعالى يغضب لغضبها ويرضى لرضاها»[4]، حتى مخالفينا ذكروا ذلك في مناقبها، ففي صحيح البخاري أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني»، وكذا في صحيح مسلم: «إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها».
والوجه في عصمتها أنها لو كانت ممن تقارف الذنوب لجاز إيذاؤها، ولم يكن رضاها رضى الله لو رضيت بالمعصية، ولا من أغضبها بمنعها عن ارتكاب الذنب مغضبا له سبحانه، ولم تكن لها مزية التشريف والمدح في الأخبار، فتكن كسائر المسلمين، ولما كان إيذائها إيذاء لرسول الله، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُم ُاللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)[5]، فإيذاء الرسول رد لصريح القرآن، ولا يرضى به أحد من أهل الإيمان، فكان منه عدم جواز إيذائها، لأن إيذائها إيذاء له، ومن يؤذيه أُعدّ له عذاب مهين، فمنزلتها منزلة رسول الله في العصمة.
مجلة اليقين، العدد (20)