روي عن الأئمّة الأطياب (عليهم السلام) قولهم: «نزهونا عن الربوبية وقولوا فينا ما شئتم»، فقد ورد مضمون هذا الحديث بعدة ألفاظ عنهم (عليهم السلام)، منها قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «إياكم والغلو فينا، قولوا إنا عبيد مربوبون، وقولوا في فضلنا ما شئتم»[1]، وروى الصفار عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يا إسماعيل لا ترفع البناء فوق طاقتنا فينهدم، اجعلونا عبيداً مخلوقين، وقولوا فينا ما شئتم»[2]. وكذلك ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بنفس المعنى قوله: «أنا عبد الله وخليفته على عباده لا تجعلونا أرباباً، وقولوا في فضلنا ما شئتم، فإنكم لا تبلغوا كنه ما فينا، ولا نهايته»[3]. وعن خالد بن نجيح قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، وعنده خلق، فجلست ناحية، وقلت في نفسي: ما أغفلهم عند من يتكلمون، فناداني (عليه السلام): «إنّا والله عباد مخلوقين، لي رب أعبده إن لم أعبده عذّبني بالنار»، قلت: لا أقول فيك إلاّ قولك في نفسك. قال (عليه السلام): «اجعلونا عبيداً مربوبين وقولوا فينا ما شئتم إلاّ النبوة»[4]، وهذه الأحاديث والروايات تدل على سمو المنزلة ورفعة المقامات التي منحها الله سبحانه لهم(عليهم السلام)، فعلمهم وفضلهم وعصمتهم من الدرجة بمكان لا ينالها ملك مقرب أو نبي مرسل سوى المصطفى(صلى الله عليه وآله)، فهم عنه يصدرون وإليه يعودون، وكل ما عندهم إنما هو من فيض علمه وفضله ومكانته عند الله سبحانه وتعالى، فالمراد من كلمة (نزّهونا) ابتعدوا بنا عن مقام الربوبية، وقولوا دون ذلك المقام ما شئتم، وليس المراد من التنزيه دفع النقص أو رفع القبح، فعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «لَا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ»[5]. فمهما قيل في فضل أحد من الأنبياء والمرسلين فهو دون ما للأئمة من الفضل، إلاّ أن هذا الفضل وهذه المنزلة لا تبلغ بهم منزلة الربوبية ومقام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).
مجلة اليقين، العدد (19)