النبوة

إن إيمان النبي (صلى الله عليه وآله) وتوحيده قبل بعثته يعتبر من المسلّمات، ولكن أُختلف في أنه هل كان متعبداً بشرع أحدٍ من الأنبياء(عليهم السلام) قبله أو لا، فهل هو متعبد بشرع نوح، أو إبراهيم، أو عيسى(عليهم السلام)، فذهب بعضهم إلى أن النبي(صلى الله عليه وآله) حسبما صَرَّحت به الروايات كان نبياً قبل البعثة بعد اكتمال عقله، مؤيداً بروح القدس ولو لم يكن كذلك لكان غيره من الأنبياء أفضل منه، فكلّمه الله، وسَمِع الصوت، ورأى في المنام، ثم بعد أربعين عاما صار رسولاً، ونزل عليه القرآن، وأمره الله بالتبليغ، وتلك كانت من المقدمات والآثار المعتبرة له، والأخبار مستفيضة، وقد استدلوا على نبوَّته منذ صغره بأن الله تعالى قد آتى النبوة لبغض الأنبياء في صغرهم فقد، ذُكر على لسان عيسى(عليه السلام): (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)[1]، ويقول تعالى عن يحيى: (..وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)[2]، فلو أخذنا هذا مع ما تقدم من الآثار المعتبرة كالفضائل والكرامات والمعاجز التي أعطيت لنبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، فنخرج بهذه الحقيقة وهي أنّ الله تعالى قد أعطى نبينا محمداً(صلى الله عليه وآله) الحكم والنبوة منذ صغره؛ وأرسله للناس كافة بعد بلوغه الأربعين، وفي جميع الأحوال أن مما لا ريب فيه أنه (صلى الله عليه وآله) كان مؤمناً موحداً، يعبد الله، ويلتزم بما ثبت له من شريعة إبراهيم (عليه السلام)، فكان أفضل الناس وأكملهم خلقاً وخلقاً وعقلاً.

مجلة اليقين، العدد (17)

 


[1] مريم: 31.

[2] مريم: 12.