كلما كانت هنالك إضافة تنسب للدين وليست منه يطلق عليها حينئذ اسم (البدعة) ومضيفها يسمى(مبتدعا) هذا في الاصطلاح، وكذا لغويا تعني الإضافة أيضا وليس النقصان، ويقول الرسول (صلى الله عليه وآله):
(إذا ظهرت البدع في أمتي فليُظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله)[1]، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في خطبة له - قال: «.. وما أُحدِثت بدعة إلا تُركت بها سُنة، فاتقوا البدع، والزموا المهيع إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها»[2]، وكثيراً ما تكون البدعة ذريعةٌ لصاحبها طلباً للنفع ولكن دائما ما تفشل غايته، فعلينا محاربة أهل البدع ونهيهم عما يبتدعوه ويؤولون ما ترتئيه عقولهم وأهدافهم، حتى لا يضل الناس بها، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) في بعض حديثه: «من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد مشى في هدم الإسلام»[3]، فاختلاف المسلمين لا في نزول الوحي ولا في نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ولا في القرآن وإنما اختلافهم في تفسير الكتاب والسنة فبعضهم تًعصّب وابتدع وافترى على الله كذباً وفسّر كتابه وسنة رسوله على هواه ومن هنا تختلق البدعة، لذلك يتوجب على دعاة الحق محاربة هذه البدع ورفضها وأن يحولوا دون انتشارها بين الناس لئلا تكون لهم ديناً وعقيدة جديدة من دون الدين الصحيح، فالبدعة من كبائر المعاصي وعظائم المحرمات ولها آثارها الموبقة، وهناك أدلة دامغة على حرمتها في الكتاب والسنة، وقد أنذر صاحبها بعذاب أليم، وما هذا إلا لأن المبتدع ينازع سلطان الله تبارك وتعالى في التشريع والتقنين، ويتدخل في دينه ويشرّع ما لم يشرّعه الدين، فيزيد عليه شيئا وينقص منه شيئا في مجالي العقيدة والشريعة، وكل ذلك افتراء على الله، فالمبتدع يستهدف حبل الله المتين ليوهنه بما ابتدعه، وبالتالي يجعل من الأمة الواحدة أمما شتى، يبغض بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا، فيتناحرون ويصبحوا شِيًعا وطوائف متفرقة، عندها يكونوا فرائس سهلة للشيطان وأذنابه، ولم يكن ذلك إلا إثر تلاعب المبتدعين في الدين بإدخال ما ليس من الدين فيه، فتكون ضربة قاصمة لصميم العقيدة الإسلامية وشريعتها الغراء، فلولا البدعة والمبتدعون وانتحال المبطلين، لكانت الأمة الإسلامية أمة واحدة، لها سيادتها على جميع أمم المعمورة، وما أثنى ظهورهم وعزيمتهم إلا أرَضَة المبتدع بينهم فنخرتهم وشتتتهم وفرقتهم بعد ما كانوا كالجبل الأشم في بداية البعثة النبوية، فمخلفات البدعة ظاهرة للعيان حروب دموية قد خاضها المسلمون فيما بينهم إِبّان عصر الخلافة وما بعدها.
مجلة اليقين، العدد (15)