الإيمان بالقائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

إن الله عز وجل لا يقبل عمل عامل من ذكر وأنثى إلا بالإقرار بأنبياء الله ورسله وكتبه عموما، والإقرار بنبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) خصوصا، فمعتقدنا نحن الشيعة وجوب معرفة النبي والأئمة(عليهم السلام) بأسمائهم وأعيانهم، لأنهم خلف النبي الأكرم بتنصيب إلهي، وهي فريضة واجبة علينا لازمة لنا، لا عذر لجاهل بها أو مقصر فيها، فقد جاء الأئمة بالحق من عنده سبحانه، وأن من تبعهم نجا، ومن خالفهم ضل وهلك، والمنكر لواحد من الأئمة كمنكرهم جميعا، فقد قال الصادق (عليه السلام): «المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا»، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) أيضا: «الأئمة من بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني»[1]، فهم حجج الله على خلقه بعد نبيه (صلى الله عليه وآله) والشهداء على الناس والمعصومون من الخطأ والزلل قد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فحبهم إيمان وبغضهم كفر، والأرض لا تخلو من حجة الله على خلقه، كما قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «لا يخلو الأرض من قائم بحجة الله، إما ظاهر مشهور، وإما خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته»[2]، وحجة الله في أرضه وخليفته على عباده القائم المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حفيد المرتضى والبتول، وهو من أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عنه باسمه ونسبه، حينما سأله جابر الأنصاري عن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال (صلى الله عليه وآله): «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ثم الباقر محمد بن علي، وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام - إلى بقية الأئمة (عليهم السلام) -  ثم الزكي الحسن بن علي ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي»[3]، فبالقائم يظهر الله تعالى دينه على الدين كله ولو كره المشركون، وعلى يديه تفتح مشارق الأرض ومغاربها حتى لا يبقى في الأرض مكان إلا أن يرفع فيه ذكر الله، فهو مهدي هذه الأمة، وكما روي عن النبي(صلى الله عليه وآله): «إذا خرج المهدي نزل عيسى بن مريم مصلياً خلفه»، فكأنما يكون قد صلى خلف رسول الله لأن المهدي خليفته ولا يكون غيره بقي ما بقي في غيبته، لأن النبي والأئمة(عليهم السلام) بشروا به ونصوا باسمه ونسبه، فهو على الهدى والطريق المستقيم وحقيقته كضوء الشمس في رابعة النهار، وكثير من علماء السنة يشاطروننا الرأي فيه، كما في رواية أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «المهدي منا أهل البيت يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما»[4]، وكذلك روي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً»[5].

مجلة اليقين، العدد (14)

 


[1] بحار الأنوار للمجلسي ج8 ص366.

[2] البحار للمجلسي ج23 ص20.

[3] البحار للمجلسي ج27 ص119.

[4] المستدرك للحاكم باب/وأما حديث عقيل بن خالد/ ج20 ص80، ووردت هذه الرواية أيضا في المستدرك بتعليق الذهبي بكتاب الفتن والملاحم ج4 ص600، وورد ما يشابه هذا الحديث في مسند أحمد/ج22 ص325.

[5] مسند أبي يعلى الموصلي ج2 ص495.