ذهبت الإمامية إلى أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل قبيحاً ولا يخل بواجب، وأن أفعاله إنما تقع لغرض صحيح وحكمة منه، وأنه لا يفعل الظلم ولا العبث، وأنه رؤوف بالعباد يفعل بهم ما هو الأصلح والأنفع، وأنه تعالى كلّفهم تخييراً لا إجباراً، ووعدهم بالثواب وتوعّدهم بالعقاب على لسان أنبيائه ورسله المعصومين من الخطأ والنسيان والمعاصي، وإلا لم يبق وثوق بأقوالهم، فتنتفي فائدة البعثة وهو من الأمور المسلم بها.
وإن الله تعالى لما بعث رسوله محمد (صلى الله عليه وآله)، أمره بالتبليغ على أن الخليفة من بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[1].
فنصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) يوم غدير (خم) بأمر من الله تعالى فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه...)[2]، ومن بعده ولده إلى آخرهم وهو الخلف الحجة محمد بن الحسن (عليهم السلام) (الاعتقادات للشيخ الصدوق)، وهم أولياء معصومون لينقاد الناس إلى أوامرهم، لئلا يخلي الله تعالى العالم من لطفه ورحمته.
وذهبت الأشاعرة من أهل السنة إلى خلاف ذلك كله، فلم يثبتوا العدل والحكمة في أفعاله تعالى، وجوّزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب، وأنه تعالى لا يفعل الغرض، ولا لحكمة البتة، ويفعل الظلم والعبث، ولا ما هو الأصلح للعباد، بل ما هو الفساد في الحقيقة لأن فعل المعاصي وأنواع الكفر والظلم في العالم مستندة إليه، تعالى الله عن ذلك[3].
وأما اعتقادهم بأن الأنبياء غير معصومین بل قد يقع منهم الخطاء والزلل والفسوق والكذب والسهو، وغير ذلك فهذه قضايا مغلوطة يجب مراعاة الحذر منها لما تحمله من تهم مهولة نحو الباري عز وجل ورسله والأئمة (عليهم السلام) أجمعين.
مجلة اليقين، العدد (1)