الحج اليهودي

موضوعنا هذا يختصّ بمناسبة فريضة الحجّ، وهي الفريضة التي أوجبها الله تعالى على المسلمين، بل على غيرهم أيضاً بمقتضى النص القرآني، قال تعالى: (وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)[1]، وهي واجبة على المكلّفين مرةً واحدةً في العمر بشروط مذكورة في كتب الفقه، وعند توفر الشروط بتمامها يجب على المكلف السفر إلى بيت الله الحرام في الديار المقدّسة؛ لأداء فريضة الحجّ، وبعد الفريضة (أو قبلها وحسب سفره) يكون الحاج متهيّأ لزيارة قبر رسول الإسلام وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)؛ لأنّ الوارد عن النبي(صلى الله عليه وآله): «مَن حَجَّ ولَم يَزُرني فَقَد جَفاني»[2].

وللحجّ أعمال وطقوس لها آثار روحية ومعنوية على حجاج بيت الله الحرام، فهو الفريضة الوحيدة -ربما- التي تختزل جميع العبادات المفروضة على الإنسان، ففيها العبادة البدنية والروحية، وفيها صبر الصيام وقوة الإرادة واجتناب المحرَّمات (كالمفطرات في الصيام)، وفيها الطهارة والصلاة والحقوق المالية وغيرها من الفروع الدينية.

وأمّا في الأقوام الأُخرى ودياناتهم فالحجّ عندهم غير الحجّ عندنا بطبيعة الحال، ففي التوراة -الكتاب المقدّس في اليهودية- يأمر الله الذكور من بني إسرائيل بالحجّ إلى القدس ثلاث مرات في العام، فيحجّ اليهود من كلّ أنحاء العالم إلى حائط البراق، أو (حائط المبكى) حسب التسمية اليهودية، ويبكون وينوحون على الحائط، الذي يزعمون أنّه حائط من هيكل سليمان المهدوم للمرّة الثانية على يد الرومان، وهذا ما يجعله الموقع الأكثر قداسة في التراث اليهودي، لكن لليهود مزارات مقدّسة أخرى، ومناطق مقدّسة يحجّون إليها بأعداد كبيرة كلّ عام، منها معبد الغريبة في جزيرة جربة التونسية، وهو أول معبد يهودي في إفريقيا، يحجّ إليه نحو ثلاثة آلاف يهودي في مايو من كلّ سنة.

لكن بمقارنة الحجّ الإسلامي بالحجّ اليهودي فإنّنا نجد فوارق كثيرة بينهما، من حيث الشعائر والطقوس والأعمال، فالحجّ الإسلامي له أبعاد روحية وعبادية واجتماعية وسياسية ودنيوية وأُخروية وغيرها الكثير، على العكس من الحجّ اليهودي الذي يخلو من ذلك.

مجلة ولاء الشباب العدد (64)

 


[1] آل عمران: الآية 97.

[2] منتخب حكم النبي(صلى الله عليه وآله)، الريشهري: ص146.