زواج الأقارب والأباعد

تتمسّك كثير من القبائل العربية في الدول العربية بقانون زواج الأقارب، وأنّه لا يسمح للفتاة أن تتزوج من الأباعد وتترك أبناء عمومتها، ولا أقل أنّ الفتاة تمارَس عليها وعلى أهلها ضغوطات من أبناء العمومة حتى توافق على ذلك الزواج، بل يصل الأمر ببعض القبائل في مصر مثلاً أن مَن تتزوج من الغريب يعتبر (عار)! وبالتالي فإنّ أسرة البنت يجب عليها أن ترضخ لقرار القبيلة، وفى حالة المخالفة تُمارَس ضغوط اجتماعية على الأسرة على المدى البعيد، ومن ثَمّ تُعزل اجتماعياً!

وقد انتشر هذا العرف في القبائل والعشائر العربية بنسب كبيرة، كالعراق، وبلاد الشام، والخليج، ومصر، وغيرها، وتشتد تلك الأعراف وتضعف حسب تحضّر تلك القبائل وتطبّعها مع الحياة العصرية الحديثة.

وبغض النظر عن تلك العادات القبلية والعشائرية فإنّنا ملزمون بمعرفة أمرين:

الأمر الأول: ما هو رأي الدين بالزواج من الأقارب؟

الأمر الثاني: ما هو رأي الطب بالزواج من الأقارب؟

أما الأمر الأول: فيعلم أنّ الإسلام كدين إلهي لم يمنع من زواج الأقارب والأباعد، نعم، هناك بعض الأحاديث التي يظهر منها المنع من الزواج من الأقارب، فيروى عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لا تنكحوا القرابة القريبة؛ فإنّ الولد يخلق ضاوياً -أي: ضعيفاً-»[1]، لكن الحديث ضعيف عامي لا يعوّل عليه.

إذاً، لا مشكلة في زواج الأقارب من النظرة الدينية، بل ربما يفهم من بعض الآراء أنّه محبذ؛ لأنّه يحفظ صلة الأرحام.

الأمر الثاني: رأي الطب: يرى بعض أهل الاختصاص: أنّ زواج الأقارب يزيد من احتمال التقاء المورثات المقهورة مما يؤدي إلى التشوهات الخلقية، وهذه المورثات المقهورة لا يمكن أن تظهر إلّا إذا التقت بمورثات مقهورة أخرى مصابة بالمرض نفسه الذي يسمى الوراثة الجسمية، وبما أنّ الأقارب لهم الجد نفسه، والجد هو الذي يوزع الإصابة على الأحفاد التي تلتقي فيما بعد مع تكرار زواج الأقارب مما يؤدي إلى العديد من التشوهات القلبية والعينية.

لذا يوصي الاختصاصيون جميع الشباب والفتيات المقدمين على الزواج، بالحصول على استشارات أولية قبل الزواج وقبل الحمل، وخصوصاً الأقارب من الدرجة الأولى، بهدف بناء أسرة سعيدة متوافقة صحياً ونفسياً واجتماعياً.

مجلة ولاء الشباب العدد (63)

 


[1] المحجة البيضاء، الكاشاني: ج 3، ص94.