حتى لا تثرثر الزوجة

أكرم الله تعالى الأمم البشرية -وليس الأمة الإسلامية فحسب- بخاتم الأنبياء محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله)، وبسنته المباركة، وبأخلاقه الإلهية السامية، لكن الأمم البشرية أعرضت ونأت عن التعرّف عن قرب على شخصية هذا الوجود المنير المبارك، فتراها لجأت إلى قوانين وأخلاقيات وسلوكيات من صنع البشر وذهنيّته المحدودة، ومن أمثلة هذا الكلام هو ما يتعارف عليه في قبيلة (جوبيس الأفريقية) من أن العروس في ليلة زفافها تُجبر على ثقب لسانها ليلة الزفاف؛ حتى لا تكون ثرثارة، وبالتالي يمل منها زوجها، وتقع المشاكل بينهما! وبعد ثقب لسان الزوجة يتم وضع خاتم الخطبة فيه، ويتدلى من الخاتم خيطٌ طويلٌ، يمسك الزوج بطرفه، فإذا ما ثرثرت الزوجة وأزعجت زوجها يكفيه بشّدة واحدة من هذا الخيط أن يضع حداً لثرثرتها وكثرة كلامها!

لكن لو التفتنا إلى سنن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) في مراسيم الزفاف لأدركنا كم هو عظيم إسلامنا الحنيف، وكم هي عظيمة سنة نبينا وأهل بيت الكرام(عليهم السلام)، حيث يستحب للزوج أن يكون متوضئاً، ثم يصلي الزوج ركعتين (ويأمر زوجته بالوضوء والصلاة أيضاً)، وبعد أدائه للصلاة يبتهل إلى الله سبحانه وتعالى ويحمده، ويصلي على محمد وآل محمد، ثم يدعو الله جل وعلا بالألفة وحسن الاجتماع بينهما، والأولى أن يقول الزوج في دعائه:

(اللّهُمَّ ارْزُقْني أُلْفَها، وَوُدَّها، وَرِضاها، وَأَرْضِني بِها، وَاجْمَعْ بَينَنا بِأحْسَن اجْتِماعٍ، وَآنَسِ ائْتِلافٍ، فَإِنَّكَ تُحِبُّ الْحَلالَ، وَتَكْرَهُ الْحَرَامَ)، ثم يضع يده على ناصيتها وهو مستقبل القبلة ويقول: (اللَّهُمَّ بِأَمانَتِكَ أخَذتُها، وبِكَلِماتِكَ استَحلَلتُها، فَإِن قَضَيتَ لي مِنها وَلَداً، فَاجعَلهُ مُبارَكاً تَقِيّاً مِن شيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ(صلى الله عليه وآله)، ولا تَجعَل لِلشَّيطانِ فيهِ شِركاً ولا نَصيباً)، أو يقول:(اللَّهُمَّ بِأَمَانَتِكَ أَخَذْتُهَا، وَبِكَلِمَاتِكَ اسْتَحْلَلْتُ فَرْجَهَا، فَإِنْ قَضَيْتَ في رَحِمِها شَيْئاً، فَاجْعَلْهُ مُسْلِماً سَوِيّاً، وَلا تَجْعَلْهُ شِرْكَ شَيْطانٍ)[1].

وهذا الدعاء الذي هو سبب إلهي في زيادة المودة والرحمة بينهما، إضافة إلى حسن الخلق من الطرفين، كفيلان بصناعة التفاهم والتعاطف والتوادد، ولا حاجة لنا بثقب اللسان أو ربط خيط فيه أو غير ذلك.

مجلة ولاء الشباب العدد (60)

 


[1] موسوعة الإمام الخوئي: ج32، ص9.