شهر رمضان في اليمن

في خصوص السنين الأخيرة لم يكن شهر رمضان كما يتمناه اليمنيّون، حيث تعصف بهم ظروف الحرب المستمرة والصراع السياسي، والأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي أربكت الحياة.

في صنعاء القديمة ما زال عِرْقُ الحياة ينبض في الشوارع والأزقة، والأعمال اليومية تتم بهدوء، قبل أن تتوقف تماماً قبيل أذان المغرب بلحظات حيث يتفرق الناس بين المنازل والمساجد لتبدو صنعاء كمدينة مهجورة للحظات قبل أن يتدفق الناس مجدداً في الأسواق كجداول الماء.

الأسواق تمتلىء بالحركة، رغم ضعف القدرة الشرائية لليمنيين، والباعة مستمرّون في عرض كثير من المأكولات الشعبية المخصّصة لشهر رمضان، مع أن حركة البيع والشراء تراجعت إلى حد غير مسبوق كأثر من آثار التدهور الاقتصادي وانخفاض سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.

تتميّز صنعاء القديمة بكثير من العادات والتقاليد والطقوس التي تميّز شهر رمضان عن غيره من الشهور، فسكان صنعاء يستقبلون الشهر الكريم في آخر أيام شعبان من خلال مأدبة عامرة يطلق عليها «يا نفس ما تشتهي» حيث يجتمع شمل العائلة على هذه المائدة التي يساهم كل فرد من العائلة فيها بصنف من المأكولات ويأتي به للمكان الذي تم الاتفاق على التجمع فيه وتكون جلسة يغلب عليها الأُنس والود وصلة الأرحام وأكل أشهى المأكولات.

وعن أبرز العادات الاجتماعية والطقوس الروحية التي تُميّز شهر رمضان في مدينة صنعاء القديمة والتي اختفى كثير منها بفعل الحرب، أن الصائم يراجع نفسه وعلاقاته مع الآخرين فيطلب الصفح منهم ويصفح هو عنهم، وذلك عندهم من أسباب تقبل الصيام، ويكون قلبه عامراً بذكر الله.

 ومن تقاليدهم أن الجار يهدي جاره من طبقه الرئيسي للعشاء والآخر لا يرد الطبق فارغاً بل يهدي فيه ما كتب الله له ورزق.

والأهم والأجمل هو التنافس على قراءة القرآن الكريم، والتفاسير والاستماع لمجالس العلم في المساجد أو في بعض القنوات الفضائية، ومن ثم يأتي دور المنشدين لإحياء مجالس الذكر وإنشاد أجمل القصائد في حب الله والمدائح المحمدية في الهواء الطلق. ويحضر من يحب من أهالي صنعاء من الرجال والأطفال لسماع الأناشيد التي يرقّ لها القلب شوقاً للمصطفى(صلى الله عليه وآله).

مجلة ولاء الشباب العدد (37)