عاشوراء هو اليوم العاشر من محرم الذي انتفض فيه الإمام الحسين بن علي(عليه السلام) على بني أمية؛ ليقوّض ما اختلقوه من فوضى ونفاق، وتغييراً للسنن التي جاء بها الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وآله)، فأول ما نصّه الإسلام هو حرية الإنسان وكرامته، وأما الأمويّون فقد جاؤوا ليمتهنوا وجود الإنسان، ويستعبدوه، بمقتضى سلطتهم التي ملكوها بالحديد والنار.
فالتضحية والفداء الكبيران كانا لأحرار عاشوراء وعلى رأسهم الحسين(عليه السلام) الذي جاهد ودافع عن الإسلام وقدم الغالي والنفيس من اجل المبادئ السامية، وتحرير الإنسان من الاسترقاق وحفظ كرامته.
فتضحية الإمام الحسين(عليه السلام) وثورته تتجدد في كل حين، وتزداد تألّقاً وخلوداً عبر الزمان، فنستلهم منها الوقوف أمام الظلم والجور والاستبداد، ونَتبنّى من خلالها معنى الرفض والنبذ للمتسلطين والطغاة، فرغم كل الإغراءات المقدَّمة له(عليه السلام) حتى يهادن أو يبايع أو يقبل بالتراجع عن نهضته، أبى إلّا أن يُحقّ الحقّ بكلمات الله التامات، وسُنّة جدّه(صلى الله عليه وآله)، وبدمه الزكي، قرباناً لبقاء الدين ودوامه، كما قيل: (إنّ دين الإسلام محمديّ الحدوث حسينيّ البقاء)[1]، فلا ريب أن ذلك كان سبباً للخلود.
ومن معطيات هذه الثورة الخالدة أخذ الدروس والعبر منها على مرّ التأريخ، فهو(عليه السلام) شهيد العِبرة والعَبرة، كما ورد عنه(عليه السلام): «أنا قتيل العَبرة، ما ذُكِرتُ عند مؤمن إلّا بكى»[2]، وكيف لا نتأثّر نحن بنهضته وشخصيته الفذّة، وقد تأثّر بها شخوص عالميّون كُثرٌ من ديانات ومذاهب شتى، نذكر منها الزعيم الهندي غاندي الذي قال: (تعلّمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر)[3]، وقول المفكر المسيحي أنطوان بارا: (لو كان الحسين منّا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبراً، ولدعوْنا الناس إلى المسيحية باسم الحسين)[4]، وقول العالم التشيكي توماس ماساريك: (..لا تجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين، والسبب أن مصائب المسيح إزاء مصائب الحسين لا تمثل إلاّ قشـّة أمام طودٍ عظيم)[5]، فإذا كان الحسين(عليه السلام) هكذا بعيون غير المسلمين، فكيف بنا ونحن محبّوه وموالوه!!.
مجلة ولاء الشباب العدد (32)