قال تعالى: (للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ)[1]، ظلّ أمر معرفة جنس المولود عبر العصور هو شغل الناس الشاغل لاعتبارات خاصّة، بعضها ما تفرضه الطبيعة والفطرة البشريّة والاعتقادات المتوارثة المرتكزة على الاحتياجات الإنسانية، والبعضُ الآخر يفرضه الرأي الطبيّ بسبب كثرة الأمراض المرتبطة بالجين الذكري أو الجين الأنثوي، فكان أمر عزل الأجنّة الُمولّدة للذكور عن الُمولّدة للإناث حاجة ملحّة على الصعيد الطبّي للحد من ولادة أطفال مرضى ومشوّهين الأمر الذي تكاثفت له جهود علماء الأجنّة لاختيار جنس المولود، وهذا يقودنا لوسائل الطب الحديثة في الكشف عن معرفة جنس الجنين، كالسونار والأشعة والرنين، وغيرها مما له الدخل المباشر وغير المباشر في معرفة جنس الجنين ذكرا كان أو أنثى، وهذا الاهتمام من قبل الناس ليس بجديد بل كان يشغل بالهم منذ بدايات الخليقة، فالمصريون القدامى (الفراعنة) هم أوّل من عرف وسيلة يحدد من خلالها جنس الجنين وهو في بطن أمّه! وكان هذا شائعاَ قبل أكثر من خمسة آلاف سنة من الآن، وكان ذلك بطريقة بسيطة جدا وهي أن تضع المرأة الحامل بعضاً من إدرارها في إناءين منفصلين ويضعون فوق احدهما حفنة قمح والآخر حفنة شعير وتتم عملية متابعة الاناءين اياما عدة فاذا نبت الشعير أولاً يكون المولود ذكرا واذا نبت القمح أولاً يكون المولود انثى!، وقد اكد علماء الاختصاص صحّة هذه التجربة، وأمّا الإغريق فقد اعتمدوا أساساَ آخر في ضبط جنس الجنين قبل تكوّنه؛ فسعَوا لتحديده اعتماداً على قناعتهم بأنّ أجنّة الذكور مختزلة في (بيضة) الرجل اليمنى، في حين تحتلّ الأجنة الأنثويّة الجهة اليسرى، وبناءً على هذا الاعتقاد السائد كان الرجل الإغريقي يربط (بيضته) اليسرى لمنع تكوّن الإناث خلال الجماع، وربّما هو من الاعتقادات الشعبية المتوارثة عندهم وأمّا الشعب التايوني فيعتقد إنّ زواج الرجل البدين من السيدة النحيفة يؤدّي إلى إنجاب الإناث والعكس صحيح، كما افترضوا أنّ أكل المتبّلات واللحوم والأسماك المملّحة والحامضة، يساعد على إنجاب الذكور، وممّا سبق يتبيّن لنا أنّ المحاولات التي سعى لها العِرْق البشري من أجل تحديد جنس المولود اعتمدت كلها على افتراضات النجاح أو الفشل وعلى العموم فالمجتمع الإسلامي لا ينظر للأنثى نظرة دونية وإنْ دلت بعض الروايات على رجحان طلب الولد الذكر في الدعاء ولكن لا أن تصل الحالة كما عبّر عنها القرآن الكريم (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)[2].
مجلة ولاء الشباب العدد (5)