إن المتتبع لطرق عيش الشعوب وثقافاتها وعاداتها وتقاليدها ينتقد حياة العديد من القبائل الإفريقية والآسيوية وحوض الأمازون في أمريكا الجنوبية، لخلوها من أيّ عملٍ يساند نضال هذه المجموعات البشرية في المحافظة على طبيعة حياتها وبيئتها ومحاولتها البقاء والحفاظ على تقاليدها، كما يحتج المنتقدون لهذه القبائل بشيء من الخيال الذي لا يقارب الواقع، وإبقائها في خانة الآراء المسبقة والمغلوطة كقبائل معزولة شبه وحشية لا علاقة لها بعالمنا الحديث.
إلا أن النظرة الموضوعية المنصفة تقتضي الاعتراف والإشادة بقدرات هذه القبائل البدائية وإنجازاتها واستمرارها على البقاء.
وتعدّ العادات والتقاليد جزءاً مهمّا في نظام كل دولة في العالم، ومع اختلاف الجنسيّات والاهتمامات والأديان للبشر فهنالك عادات وتقاليد وثقافة خاصّة بكل فرد وعائلة وقبيلة ودولة في كل زمان وعصر، فجميع الأفراد داخل مجتمع معيّن يلتزمون بالعادات والتّقاليد، ولا يفرّطون فيها، ويعتبرونها قوانين لا يمكن تجاوزها، وفي بعض الأحيان قد يعاقب الفرد إذا تجاوز العادات والتقاليد والأعراف للبيئة المحيطة به، فهي بمعتقدهم ترتبط بالتربية وسلوكيّات الأفراد، وربّما مع الدين، فالعادات والتقاليد تشمل العديد من الأمور المحيطة بالمجتمع كطقوس العبادة، وآلية التعامل في المناسبات، والتعامل بين الرجل والمرأة، والتنشئة المجتمعية، والكثير من الأمور، وهناك بعض العادات الغريبة في غينيا مثلا للتخلّص من جثث الموتى، فلكل مجموعة عمريّة طريقة خاصة للتخلّص من جثثها، فبالنسبة للشيوخ يقومون بدفنهم في الأرض بشكله المتعارف لنا ولكن بشرط ألا يكون للشيخ امرأة ولا أولاد وإلا وضعوه بجانب النار، وعند موت الرجل فيهم يغطّونه بسعف النخيل، ويشعلون النار بالقرب منه حتى يجف لمدّة أسبوعين أو ثلاثة دون حرقِه، أما الطفل فعند موته يضعونه في سلّة، ثم يعلّقونها على سقْف البيت حتّى يتلاشى، هذا بالنسبة للموت.
وأما في الزواج فمن أغرب عادات وتقاليد الزواج في غينيا الجديدة، أنْ تسبح الفتاة في بركة ماء، فإذا قدّم أحد الحاضرين قطعة من الثياب لها تكون قد أعجبتْهُ الفتاة وارتضاها زوجةً له، وعند تناول قطعة القماش منها أصبحتْ فوراً زوجةً له، ومن الوارد ألّا يقدم للفتاة شيء وتبقى في الماء حتى الموت، وخاصّة إنْ لم تكنْ جميلةً، وفي غينيا الجديدة يُعبّر الحبيب أو العريس من قبيلة (داني) عن حبّه للطرف الآخر عن طريق قطع إصبعه وتقديمه لها، وعندما يتوفى الزوج، فواجب على الزوجة أن تقطع أصابع يديها وتدفنها معه تعبيراً عن الحبّ والوفاء له.
مجلة ولاء الشباب العدد (3)