السابع : خيار العيب

وهو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً، فإنّ له الخيار بين الفسخ بردّ المعيب وإمضاء البيع، فإن لم ‏يمكن الردّ جاز له الإمساك والمطالبة بالأرش، ولا فرق في ذلك بين المشتري والبائع، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور .

مسألة 158: يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد، بمعنى اختيار عدم الفسخ، ومنه التصرّف في المعيب تصرّفاً يدلّ على ذلك.

مسألة 159: تجوز المطالبة بالأرش دون الفسخ في موارد:

الأوّل: تلف العين.

الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو هبة أو نحو ذلك.

الثالث: التصرّف الخارجيّ في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب وصبغه وخياطته ونحوها.

الرابع: التصرّف الاعتباريّ بحيث يمنع من الرّد، مثل إجارة العين ورهنها.

الخامس: حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع.

ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد بردّه، وإنّما يثبت له الأرش إن طالب به.

نعم إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلاً جاز ردّه.

مسألة 160: يسقط الأرش فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً في الماليّة كالخصاء في بعض أنواع الحيوان إذا اتّفق تعلّق غرض نوعيّ به بحيث صارت قيمة الخصيّ تساوي قيمة الفحل، وإذا اشترى ربويّاً بجنسه فظهر عيب في أحدهما يشكل أخذ الأرش لاحتمال كونه من الربا، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.

مسألة 161: يسقط حقّ المشتري في الردّ والأرش بأُمور :

الأوّل: علمه بالعيب قبل العقد.

الثاني: رضاه بالمعيب بعد البيع.

الثالث: إسقاطه لحقّه عند البيع من جهة الفسخ والمطالبة بالتفاوت.

الرابع: تبرّؤ البائع من العيوب، بمعنى اشتراط عدم الرجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش، ولو تبرّأ من عيب خاصّ فظهر فيه عيب آخر فللمشتري الفسخ به، وإذا لم‏ يتمكّن من الردّ أخذ الأرش على ما تقدّم.

مسألة 162: تعتبر الفوريّة العرفيّة في هذا الخيار أيضاً، بمعنى عدم التأخير في الفسخ أزيد ممّا يتعارف فيه حسب اختلاف الموارد، ولا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار .

مسألة 163: المراد من العيب ما كان على خلاف الجري الطبيعيّ أو الخلقة الأصليّة، سواء أكان نقصاً مثل العور والعمى والصمم والخَرَس والعَرَج ونحوها، أم زيادة مثل الإصبع الزائد واليد الزائدة، بل إذا لم‏ يكن على خلاف الجري الطبيعيّ والخلقة الأصليّة ولكنّه كان عيباً أيضاً في العرف - مثل كون الأرض مورداً لنزول العساكر - يثبت به الخيار وتجوز المطالبة بالأرش على تقدير عدم إمكان الردّ.

مسألة 164: إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف - مثل بعض العيوب في السيّارات المستعملة المستوردة من الدول الأُخرى - لم يجرِ عليه حكم العيب.

مسألة 165: لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص الماليّة، بل ربّما يوجب ازديادها - كما إذا اشترى دابّة فوجدها ذا رأسين فإنّه قد يبذل بإزائها مال كثير من قِبَل بعض المهتمّين بحفظ أمثالها من عجائب المخلوقات - ولكنّه على كلّ حال عيب يحقّ للمشتري أن يفسخ البيع به وإن لم ‏يثبت الأرش.

مسألة 166: كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض، فيجوز ردّ العين به كما يجوز أخذ الأرش به إذا لم ‏يتمكّن من الإرجاع، هذا إذا لم ‏يكن حدوثه بفعل نفسه، وإلّا فلا خيار له.

مسألة 167: كيفيّة أخذ الأرش أن يقوّم المبيع صحيحاً ثُمَّ يقوّم معيباً وتلاحظ النسبة بينهما ثُمَّ ينقص من الثمن المسمّى بتلك النسبة، فإذا قوّم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة وكان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف وهو اثنان وهكذا، ويرجع في معرفة قيمة الصحيح والمعيب إلى أهل الخبرة وتعتبر فيهم الوثاقة.

مسألة 168: إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح والمعيب، فإن اتّفقت النسبة بين قيمتي الصحيح والمعيب على تقويم بعضهم مع النسبة بينهما على تقويم البعض الآخر فلا إشكال، كما إذا قوَّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بستّة والمعيب بثلاثة، فإنّ التفاوت على كلّ من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن.

وإذا اختلفت النسبة كما إذا قوَّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بعشرة والمعيب بستّة ففيه وجوه وأقوال، والصحيح منها - مع تقارب المقوِّمين في الخبرة والاطّلاع - أن يؤخذ من القيمتين للصحيح - كما في المثال - النصف، ومن الثلاث الثلث، ومن الأربع الربع وهكذا في المعيب، ثُمَّ تلاحظ النسبة بين المأخوذ للصحيح وبين المأخوذ للمعيب وتؤخذ بتلك النسبة، وهي في المثال فيكون الأرش من الثمن المسمّى.

مسألة 169: إذا اشترى شيئين صفقة واحدة - أي بشرط الاجتماع - فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في ردّ المعيب وحده، كما له الخيار في ردّهما معاً، ولكن إذا اختار ردّ المعيب فقط كان للبائع الفسخ في الصحيح أيضاً.

مسألة 170: إذا اشترك شخصان في شراء شـيء فوجداه معيباً جاز لأحدهما الفسخ في حصّته، ويثبت الخيار للبائع حينئذٍ على تقدير فسخه.

مسألة 171: لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري ففي بقاء الخيار إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.