الولد: سنتحاور اليوم في الغسل، وسيشرح لي أبي كيف أغتسل.
الأب: الغسل قسمان: ارتماسي وترتيبي.
الولد: وما هو الارتماسي؟
الأب: أنْ تغمس جسدك بالماء دفعة واحدة، هذه صورة مبسّطة لمعناه وسيتجلّى لك مفهومه بصورةٍ أعمق في مرحلةٍ أُخرى.
الولد: وما هو الغسل الترتيبي؟
الأب: أنْ تغسل تمام رأسك ورقبتك وشيئاً مما يتصل بها من البدن أوّلاً، ولا تنسَ غسل أُذنيك (ما كان منهما ظاهراً دون الباطن)، ثمّ تغسل جسمك مبتدئاً بجانبك الأيمن وبعضاً ممّا يتصل به من الرقبة وبعضاً من الجانب الأيسر، ثم تثني فتغسل جانبك الأيسر وشيئاً ممّا يتّصل به من الرقبة وشيئاً من الجانب الأيمن، ويجوز أنْ تغسل البدن بعد الرأس والرقبة دفعة واحدة ولا تقسمه إلى أيمن وأيسر.
الولد: هل للغسل من شروط؟
الأب: يشترط فيه ما اشترط في الوضوء من النّية، وطهارة الماء وإباحته واطلاقه، وطهارة أعضاء الجسد، وترتيب غَسل الأعضاء، وأنْ يباشر المغتسل غُسله بنفسه إِنْ أمكنه وأنْ لا يكون هناك مانع من استعمال الماء شرعاً كالمرض «راجع حواريّة الوضوء».
الولد: إذن هل يوجد فرق بين الوضوء والغسل أم لا؟
الأب: نعم؛ يختلف الغسل عن الوضوء في أمرين أود أن تركّز عليهما:
الأوّل: لا يشترط في غسل كل عضوٍ هنا -أي في الغسل- أن يكون غَسله من الأعلى إلى الأسفل كما كان في الوضوء.
الأب: الفرق الثاني بين الغسل والوضوء هو: أنّه لا يشترط في الغُسل الموالاة والتتابع كما كان في الوضوء، فيمكنك في الغُسل أنْ تغسل الرأس والرّقبة، ثمّ تغسل بقيّة جسدك بعد فترة حتى لو جفَّ رأسك، كما أنّك في الوضوء حين تغسل وجهك وتمرّ على شعر حاجبيك مثلاً تغسل ظاهرهما، وحين تمسح رأسك تمسح ظاهر الشَعر منه، بينما يجب في الغُسل أنْ توصل الماء إلى بشرة الرأس، وكذلك في شعر الحاجبين والشارب واللحية.
الولد: إذا اغتسلتُ غُسل الجنابة هل أحتاج إلى الوضوء؟
الأب: إنَّ غسل الجنابة يغني عن الوضوء فلا تحتاج إلى أنْ تتوضأ.
الولد: معنى هذا إني إذا اغتسلت غسل الجنابة للصلاة فلا أتوضأ بعد الغسل.
الأب: نعم، تصلّي بغسلك رأساً بلا وضوء.
الولد: إذا اجتمعتْ عليَّ أغسال متعددة، فما هو الحكم؟
الأب: إذا اجتمعت عليك أغسال متعدّدة كغسل الجنابة والجمعة مثلاً جاز لك أن تغتسل غُسْلاً واحداً بقصد الجميع، ولك أن تنوي خصوص غسل الجنابة فيغنيك عن غيره [نعم في خصوص غسل الجمعة لابدّ من نيّته ولو إجمالاً فلا يُغني عنه غسل آخر].
الولد: وإذا احتاجت المرأة إلى غسل الجنابة وغسل الحيض والجمعة مثلاً؟
الأب: يمكنها أن تغتسل غسلاً واحداً بنيّة الجميع، أو تنوي غسل الجنابة فيكفيها ذلك عن غيره عدا غسل الجمعة كما عرفت.
الأب: سأذكر لك ملاحظات تنفعك في غُسلِكَ:
أولاً: تأكّد من أنّك أزلْتَ كلَّ أثرٍ للسائل المنوي كان على جسدك قبل أن تبدأ بالغُسل.
ثانياً: تدخل المرافق لتتبول قبل أن تبدأ بالغسل لتُخرج بقايا السائل المنوي مع البول.
ثالثاً: يجب أن تزيل كل حاجب أو حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة كالصمغ مثلاً، أمّا إذا تعذّر أو تعسَّر عليك إزالته فانتقل إلى التيمّم، أمّا إذا كان الحاجب في مواضع التيمّم [فاجمع بين الغُسل والتيمّم].
الأب: الرابع: من الأمور التي تنفعك في الغُسل: كل شك يكون عندك في صحّة غَسل عضو بعد الانتهاء من غسله لا ترتّب عليه أثراً، ولا تعطيه أي اهتمام، ولو صار عندك شكّ في غَسل تمام الرّأس والرّقبة وأنت تغسل بقيّة جسدك [لزمك العود لتتدارك غسل المقدار المشكوك].
الولد: غسل الجنابة، والحيض والنفاس والاستحاضة، والموت، ومسّ الميّت، هذه كلّها أغسال واجبة سبق أن حدّثتني عنها، ولكنّه مرَّ عليَّ في الحوار غسل أسميْتَهُ أنت «غسل الجمعة»، فهل هناك أغسال أخرى لم تذكرها لي؟
الأب: نعم؛ هناك أغسال أُخرى كثيرة، ولكنّها مستحبّة غير واجبة، سأعدّد لك بعضها في الحوارية القادمة.
الأب: من الأغسال المستحبة:
أ ـ غسل الجمعة وهو مستحبّ مؤكّد ووقته من طلوع الفجر إلى الغروب، والأفضل الاتيان به قبل الزوال.
ب ـ غسل الإحرام.
ح ـ غسل يومي العيدين «الفطر والأضحى»، ووقتهما من طلوع الفجر إلى الغروب، والأفضل الاتيان به قبل صلاة العيد.
د ـ غسل اليوم الثامن والتاسع من شهر ذي الحّجة الحرام، وأفضله في اليوم التّاسع أن يكون عند الزوال.
هـ ـ غسل الليلة الأولى وليلة السابع عشر وليلة التاسع عشر وليلة الحادي والعشرين وليلة الثالث والعشرين وليلة الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك.
و ـ غسل الاستخارة.
ز ـ غسل الاستسقاء.
جـ ـ غسل دخول مكّة.
ط ـ غسل زيارة الكعبة الشريفة.
ي ـ غسل دخول مسجد النّبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله).
وهذه الأغسال كلها تغني عن الوضوء.
الأب: هناك أغسال كثيرة غير ما تقدم مما لا يسع المجال في هذه العجالة ذكرها، بعضها يغني عن الوضوء وهي التي ثبت استحبابها شرعاً، وبعضها لا يغني وهي التي لم يثبت استحبابها بدليل معتبر، وإنّما نأتي بها برجاء المطلوبية.
الولد: بقي أنْ أسألك سؤالي الأخير وهو: إذا لم استبريء بالبول بعد الجنابة، فلم أَبُل، واغتسلت وانتهى كل شيء، ثمّ خرج سائل منوي بعد ذلك ولو قطرة؟
الأب: يجب عليك الغُسل ثانية حتى ولو خرج السائل المنوي بدون شهوة وبدون مداعبة، كما يجب عليك الغسل ثانية إذا علمْتَ أنَّ هذا الذي خرج الآن هو منيّ ولو في غير الصورة المتقدِّمة.