الولد: لفظة (التيمّم) سبق أنْ قرأتها وسمعتها وأنا أتلو القرآن الكريم، أبي؛ لقد حاولتُ استحضار اسم السورة التي وردت فيها هذه اللفظة فلم تسعفني ذاكرتي.
الأب: إنّها سورة (النساء: 43)، قال تعالى: (وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا).
لقد بَيَّنَتْ الآية الكريمة ـ كما تلاحظ ـ متى، وبماذا، وكيف نتيمّم، ولنبدأ بهنَّ واحدة واحدة.
الولد: متى يا أبي أتيمّم؟
الأب: تتيمّم عوضاً عن الغسل، أو الوضوء، وبدلاً عنهما في مواضع منها:
1ـ إذا لم تجد من الماء ما يكفيك للغسل أو الوضوء كل في محله.
2ـ إذا وجدْتَ الماء، ولكنّه لم يتيسّر لك الوصول إليه للعجز عنه تكويناً بشلل في أطرافك مثلاً ـ لا قدر الله ـ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرّف في إناء مغصوب يوجد فيه الماء المباح، أو لخوفك على نفسك أو عرضك أو مالك.
الأب: أذكر لك بقية موارد التيمّم:
3 ـ اذا خفتَ العطش على نفسك أو على أيِّ شخص آخر يرتبط بك ويكون من شأنك التحفّظ عليه والاهتمام بشأنه، بل حتى الحيوان الذي يهمّك أمره، ولم يكن عندك من الماء ما يكفي لرفع العطش والطهارة المائيّة معاً.
4ـ إذا ضاق الوقت بحيث لا يتّسع لزمن غُسلك أو وضوئك مع اداء الصلاة بتمامها في الوقت.
5ـ إذا كان تحصيل الماء للغُسل أو الوضوء أو استعماله فيهما مستلزماً للحرج والمشقّة بحد يصعب عليك تحمّله، كما إذا توقّف تحصيله على الاستيهاب الموجب للذّل والهوان، أو كان الماء متغيراً مما يتنفّر منه طبعك فتجد حرجاً ومشقّة شديدة في استعماله.
الولد: هل توجد موارد أخرى للتيمّم؟
الأب: نعم وهي:
6 ـ إذا كنْتَ مكلّفاً بواجب يتعيّن عليك صرف الماء فيه، كإزالة النّجاسة عن المسجد.
7 ـ إذا خفتَ على نفسك الضرر من استعمال الماء في الغسل أو الوضوء، لأنَّ استعماله يسبب مرضاً، أو يطوّره ويُعقِّده أو يطيل أمد شفائه، ولم يكن المورد من موارد المسح على (الجبيرة).
الولد: وما هي الجبيرة؟
الأب: سأحدِّثك عنها تفصيلاً في حواريّتنا القادمة.
الولد: عرفتُ الآن متى أتيمّم، ولكن بماذا أتيمّم؟
الأب: تتيمّم بوجه الأرض من تراب أو رمل، أو حجر، أو حصى، أو ما شاكل شرط أنْ يكون ما تتيمّم به طاهراً، [نظيفاً] وغير مغصوب.
الولد: كيف أتيمّم؟
الأب: سأتيمّم أمامك لتتعلم.
الولد: خلع أبي خاتماً كان في يده، وضرب بباطن كفيه [معاً] على الأرض ضربة واحدة، ثمّ ضمّهما ليمسح بهما المنطقة الفاصلة بين حدّ شعر الرّأس، وطرف الأنف الأعلى، ماسحاً بباطن كفّيه جبهته [وجبينه] من قصاص الشعر إلى الحاجبين، وحين وصل بالمسح إلى طرف الأنف الأعلى توقّف، ورفع كفّيه عن طرف أنفه، ثمّ مسح بباطن كفّه الأيسر تمام ظاهر كفّه الأيمن من الزّند إلى أطراف الأصابع، ومسح بعد ذلك بباطن كفه الأيمن تمام ظاهر كفّه الأيسر من الزّند إلى أطراف الأصابع.
الولد: أبهذهِ البساطة والسّرعة ينتهي التيمم؟
الأب: نعم، وليس التيمّم وحده فقط بهذه السهولة واليسر، قال تعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: 185).
الولد: وهل للتيمّم من شروط؟
الأب: نعم:
1 ـ أنْ تكون معذوراً لا تستطيع الغسل أو الوضوء كما مرّ سابقاً.
2 ـ أنْ تنوي التيمّم قربة لله تعالى.
3 ـ أنْ يكون ما تتيمّم به طاهراً، [نظيفاً]، وغير مغصوب، ولا ممزوجاً بغيره ممّا لا يصحّ التيمّم به كرماد الخشب مثلاً إلَّا إذا كان المزيجُ مستهلكاً.
4 ـ [أنْ يعلقَ شيءٌ ممّا تتيمم به بيديك، فلا يجزي التيمّم على الحجر الأملس الّذي لا غبار عليه].
5 ـ [أنْ يكونَ مسحك للجبهة من الأعلى إلى الأسفل].
6 ـ أنْ لا تتيمم إلَّا مع اليأس من زوال العذر قبل انتهاء الوقت إذا كان تيمّمك للصلاة أو أي واجب آخر له وقت محدّد.
7 ـ أنْ تباشرَ التيمّم بنفسك قدر الإمكان.
8 ـ أنْ تتابعَ المسح فلا تفصل بين أفعال التيمّم بما يخل بهيئته عرفاً.
9 ـ أنْ لا يكون هناك فاصل أو حائل بين ما تمسح به وما تمسحه، أي بين كفّك وجبهتك مثلاً.
10 ـ أنْ تمسحَ جبهتك قبل كفّك اليمنى، وكفّك اليمنى قبل اليسرى.
الولد: اذا كنتُ معذوراً من استعمال الماء للغسل أو الوضوء بسبب مرضي فتيمّمتُ وصلّيتُ، ثم راجعتُ الطبيب فسمح لي باستعمال الماء وكان هناك وقت للصلاة؟
الأب: صلاتُك صحيحة، ولا يجب عليك إعادتها إذا كان تيمّمك مشروعاً، كأن تكون قد تيمّمتَ مع يأسك من زوال عذركَ في الوقت.
الولد: إذا منعني الطبيب من استعمال الماء عدّة أيّام لمرض، فتيمّمْتُ وصلّيتُ، ثم سمحَ لي باستعمال الماء بعد شفائي، فهل أعيد صلوات الأيّام الماضية التي صلّيتها بالتيمّم؟
الأب: كلا، لا تعدها.
الولد: إذا تيمّمتُ بعد دخول وقت الصلاة وصلّيتُ، ثم حلّ وقت صلاة أخرى ولم يرتفع العذر، فهل أتيمّم مرة أخرى لهذه الصلاة؟
الأب: كلا، لا حاجة لإعادة التيمّم ما دام العذر موجوداً، وكنتَ لا تترقّب زوال عذركَ، أنت محتفظ بعدُ بتيمّمك.
الولد: إذا تيمّمتُ بدلاً من غسل الجنابة، فهل أتوضّأ للصلاة؟
الأب: كلا، فهو يغنيك عن الغسل والوضوء معاً.
الولد: إذا تيمّمتُ للغسل ثم دخلتُ إلى المرافق مثلاً أو نمتُ، فهل أتيمم مرة أخرى للوضوء أو أتيمم للغسل؟
الأب: تَوضّأْ إنْ استطعتَ، و إلَّا فتَيمَّمْ بدلاً من الوضوء.
الولد: إذا شككتُ في مسح الجبهة أو مسح الكفّ اليُمنى وأنا أمسح الكفّ اليُسرى؟
الأب: لا تعطي شكّك هذا أي اهتمام.
الولد: وإذا شككتُ فيهما بعد انتهائي من التيمّم؟
الأب: كذلك لا تعطي شكّك هذا أي اهتمام.