حوارية الوضوء

الأب: سأحدّثك اليوم عن الوضوء، وبعده عن الغسل والتيمّم.

الولد: نحن إذن على باب أوّلِ مُطَهِّرٍ لجسدٍ سلبَ منه (حدثٌ ما) طهارَتَهُ، تُرى لماذا نتطهّر بالوضوء، ولماذا نتوضّأ؟

الأب: حتى نصلّي مثلاً، ونطوف حول بيت الله الحرام في الحج أو العمرة، ويجوز لنا مسّ كتابة القرآن الكريم [وأسمائه تعالى وصفاته الخاصّة به كالرّحمن والخالق].

الولد: بماذا أتوضّأ؟

الأب: بالماء طبعاً.

الولد: ولكن هل من شروط في الماء الذي أتوضّأ به؟

الأب: نعم.

الولد: ما هي الشروط التي يجب أنْ تكون في الماء الذي أتطهّر به؟

الأب: ‏‏1ـ أن يكون الماء طاهراً، وأعضاء وضوئك كلّها طاهرة، ويكفي أنْ يكون غَسلُها للوضوء تطهيراً لها فيما لو كان الماء معتصماً.

‏2 ـ أن يكون الماء مباحاً غير مغصوب، وكذلك المكان الذي تتوضّأ فيه.

وينبغي أنْ تعرف أنَّ المقصود من اشتراط إباحة المكان أنّه إذا انحصر الوضوء بالمكان المغصوب سقط عنك وجوب الوضوء، وعليك أن تتيمّم لكنّك لو خالفت وتوضأتَ في المكان المغصوب صحّ وضوؤُك وإنْ كنتَ آثماً.

3 ـ أن يكون الماء مطلقاً غير مضاف، كماء الاسالة، لا ماء الرمّان ـ مثلاً ـ.

الولد: كيف أتوَضّأ؟

الأب: بعد أنْ تنوي الوضوء تقرّباً إلى الله تعالى تبدأ:

أوّلاً: تغسل وجهك من منبت الشّعر أعلى الجبهة إلى الذّقن طولاً، وما دارت عليه الابهام والإصبع الوسطى عرضاً، فاذا فتحت كفّك على سعتها ووضعتها على وجهك فكل ما استوعبته كفّك ما بين طرف الابهام وطرف اصبعك الوسطى فهو ما تغسله من عرض وجهك، مع ملاحظة [أنْ تغسلَ وجهك مبتدئاً من أعلاه إلى أسفله] من دون حاجة إلى تخليل الشعر الكثيف.

ثانياً: تغسل يديك من المرفق إلى أطراف الأصابع مبتدئاً باليد اليمنى ثمّ اليسرى غاسلاً من أعلى المرفق ونازلاً إلى أطراف أصابعك منتهياً بأصابعك دائماً.

الولد: وما هو المرفق؟

الأب: مجمع عظمي العضد والذراع.

ثالثاً: تمسح مقدّم رأسك ويرجّح أن يكون بباطن كفّك اليمنى، وأنْ تبدأ المسح من الأعلى إلى الأسفل، ويجزيك أنْ تمسح على الشعر المختص بالمقدّم، ولا يجب المسح على البشرة.

رابعاً: تمسح رجليك ما بين أطراف الأصابع ومفصل الساق، ويُرجّح أنْ تمسحَ رجلك اليمنى بنداوة كفّك اليمنى، ورجلك اليُسرى بنداوة كفّك اليسرى، ولا يجوز المسح بماء جديد، [كما لا يجوز تقديم الرجل اليسرى على اليمنى في المسح].

الولد: ما هي شروط الوضوء، وبعبارة أخرى ماذا ينبغي عليَّ في وضوئي؟

الأب: لاحظ في وضوئِكَ ما يلي:

1 ـ الترتيب، تغسل وجهك قبل يدك اليمنى، ويدك اليمنى قبل يدك اليُسرى، وتمسح رأسك قبل مسح رجليك.

2 ـ الموالاة: ويُقصد بها التتابع العرفي بين أفعال الوضوء، ويكفي في الحالات الطارئة، كنفاد الماء أو النسيان أنْ يكون الشروع في غَسلِ العضو اللاحق أو مسحه قبل أنْ تجف الأعضاء السابقة عليه، فإنْ جفّت جميعها بطل الوضوء، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يضرّ الجفاف لو كان مسببه الرّياح أو الحرّ أو التجفيف إذا كان التتابع العرفي متحقّقاً.

الأب: ومن شرائط الوضوء أيضاً:

3 ـ المباشرة، بأنْ تتوضّأ بنفسك إنْ أمكنكَ ذلك.

الولد: وإذا لم أتمكن من مباشرة الوضوء بنفسي؟

الأب: إذا لم تستطع، يمكن أن يوضئَك غيرك، فيرفع يدك ويغسل بها وجهك، ثمّ يغسل بها يديك، ويمسح بكفِّك اليمنى رأسك، ثم بكفيك رجليك بنداوة يديك.

4 ـ أنْ لا يكون هناك حائل يمنع وصول ماء الوضوء إلى البشرة كالصبغ والصمغ وطلاء الأظافر للنساء وغيرها، علماً بأن الدسومة لا تضرّ ولا تحجب.

الأب: ومن شروط الوضوء التي ذكرناها أيضاً:

5 ـ أنْ لا يكون هناك سبب يمنعك من استعمال الماء كالمرض، وإلّا وجب عليك التيمّم بدلاً من الوضوء.

الولد: إذا توضأتُ ثم جاء وقت صلاة أُخرى فهل عَليَّ أنْ أجدّد الوضوء؟

الأب: لا ما لم ينتقض وضوؤك.

الولد: كيف ومتى ينتقض وضوئي؟

الأب: نواقض الوضوء ثمانية: خروج البول، والغائط، والريح، والنّوم الغالب على السمع، ومثله كل ما غلب على العقل من جنون أو إغماء أو سكر، والاستحاضة على تفصيل، والجنابة، والحيض، والنفاس، فإنها تنقض الوضوء وإن كانت لا توجب إلّا الغسل.

الولد: هل توجد قاعدة عامة في الوضوء؟

الأب: نعم؛ فإني سأختتم حواريّتي بقواعد عامة تنفعك في الوضوء.

القاعدة الأولى: كل من توضّأ ثمّ شك بعد ذلك هل انتقض وزال وضوؤه بأحد النواقض الثمانية الماضية أو بقي على طهارته، فهو باقٍ على طهارته ووضوئه.‏ ‏

الولد: أعطني مثالاً على ذلك؟

الأب: توضّأْتَ صباحاً أنتَ متأكّد من ذلك الآن، وحين حلَّ وقت صلاة الظهر أردتَ أنْ تصلّي، فشككتَ هل دخلتَ المرافق بعد وضوئك فانتقض وضوؤك أم لم تدخلها فبقيت على طهارتك، حينئذٍ تقول: أنا متوضيء، وتُصلي.

الأب: ومن القواعد أيضاً:

القاعدة الثانية: كلُّ من لم يتوضّأ أو توضّأ وانتقض وزال وضوؤه، ثمّ شك بعد ذلك هل توضّأ ثانية أو لم يتوضّأ؟ فهو غير متوضّيء.

الولد: أعطني مثالاً على ذلك.

الأب: استيقظتَ من نومك صباحاً، وحين حلَّ وقت صلاة الظهر أردتَ أنْ تصلي، فداهمك الشَّكُّ، فتقول في نفسك: هل توضّأتُ بعد استيقاظي من نومي أو لم أتوضّأ؛ حينئذٍ تقول: إنّي غير متوضيء، فتتوضّأ وتصلّي.

القاعدة الثالثة: كلّ من توضّأ وانتهى من وضوئه، ثم شكَّ في صحة وضوئه بعد فراغه منه، فوضوؤه صحيح.

الولد: أعطني مثالاً على ذلك.

الأب: توضّأْتَ مثلاً وانتهيتَ من وضوئِكَ، ثمّ شككْتَ بعد ذلك، فتقول: هل غسلتُ وجهي أم لم أغسله؟ أو هل غسلي لوجهي كان صحيحاً أم لا؟ حينئذٍ تقول: وضوئي صحيح.

الولد: وإذا شككتُ في مسح الرجل اليُسرى؟

الأب: تعيد مسحها إلَّا إذا كنتَ قد دخلتَ في عمل آخر، كما لو بدأتَ بالصلاة مثلاً، أو حدث الشك بعد فوت الموالاة، فإنّك لا تعتني بالشكّ حينئذٍ.