أبو طالب (عليه السلام) وآية الاستغفار
السؤال: هل صحيح أنّ آية: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ). (التوبة:113) نزلت في أبي طالب(ع)؟ وكما يدعي البعض ان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يستغفر له (ع) وانه مات مشركاً؟!
الجواب: من التهم التي وضعها أعداء اهل البيت(عليهم السلام) هي: أنّ أبا طالب(ع) مات مشركاً، والنبيّ(صلى الله عليه وآله) كان يستغفر لعمّه، فنزلت الآية الشريفة لتنهاه عن الاستغفار له، وذلك من خلال وضع الأحاديث المحرّفة في شأن نزول هذه الآية، والتي ترويها بعض كتب أهل السُنّة.
منها: ما جاء في صحيح البخاري: (عن ابن المسيّب، عن أبيه: أنّ أبا طالب لمّا حضرته الوفاة، دخل عليه النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعنده أبو جهل، فقال: أي عمّ، قل: لا إله إلاّ الله، كلمة أُحاجُّ لكَ بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أُمية: يا أبا طالب! ترغب عن ملّة عبد المطّلب، فلم يزالا يكلّمانه حتّى قال آخر شيء كلّمهم به: على ملّة عبد المطّلب، فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله): (لأستغفرنّ لك ما لم أُنه عنه)، فنزلت(مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا...)) صحيح البخاري 4: 247.
والجواب عن هذه الشبهة تارة يقع عن الحديث، وأُخرى عن الآية.
أمّا الحديث ففيه: أنّ رواته بين ضعيف ومجهول ومطعون به، فالرواية -إذاً- ضعيفة السند، خصوصاً وأنّ راويها سعيد بن المسيّب الذي اختلف فيه اختلافاً كبيراً، بين التعديل والتجريح، ومن القادحين فيه ابنُ أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة 4: 101 فصل في ذكر المنحرفين عن عليّ)، إذ جعله في عداد المنحرفين عن عليّ(ع)، وأنّ في قلبه شيئاً منه. وعليه فلا قيمة لهذا الحديث الذي وضعه في حقّ أبي طالب(ع) والذي فيه بالتالي قدح في ولده علي (ع).
وأمّا الآية ففيها:
أولاً: اختلف في تفسير الآية، فبعضهم قال: تحمل معنى النفي لا معنى النهي، أي: أنّ الآية تنفي عن الرسول أنّه كان يستغفر للمشركين، لا أنّها تنهاه عن الاستغفار.
إذاً كلّ من استغفر له الرسول(صلى الله عليه وآله) فهو مؤمن ما دمنا نقرّ له بالنبوّة والعصمة والعمل الحقّ.
ثانياً: تدلّنا رواية البخاري على أنّ الآية نزلت عند احتضار أبي طالب(ع)، ولكنّا إذا رجعنا إلى وقت نزولها وجدناها مدنية، فبين وفاة أبي طالب(ع) وبين نزول هذه الآية ما يزيد على ثمانية أعوام.
فمجرى الحديث يدلّ على استمرار استغفار الرسول(صلى الله عليه وآله) لعمّه -وهو كذلك- ولم ينقطع إلاّ عند نزول هذه الآية) :مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ....).
والخلاصة: إنّ الآية لم تنزل بحقّ أبي طالب(ع)، وإنّه مات مؤمناً لا مشركاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آثَارُ الإيمانِ على حياةِ الانسانِ
السؤال: ما هي آثار الإيمان في حياة الانسان؟
الجواب: يعتبر الإيمان عنصراً أساسياً من عناصر التماسك الاجتماعي، فهو يدفع أفراد المجتمع نحو التعاون والتفاهم، ويبعدهم عن التنازع والتخاصم، ويمكن تلمّس آثار الإيمان على المجتمع بالنقاط الآتية:
أوّلاً: الإخاء والاحترام: يمثل الإيمان نقطة إنطلاق كبرى في العلاقات البشرية، فهو ينقل الناس من حالة العداء والبغضاء إلى حالة الود والإخاء، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات: 10).
ثانِياً: أثره العلمي، فقد حثَّ الإسلامُ الانسانَ على الاستزادة من العلم الذي يقرِّبُه من الله تعالى، يقول الرسولُ الأكرمُ (صلى الله عليه وآله): (إذَا أُتِىَ عَلَيَّ يَومٌ لا أزدادُ فيهِ عِلْمَاً، فَلا بُورِكَ في طُلوعِ شَمْسِ ذَلِكَ اليَومِ) (مجمع البيان، الطبرسي: ج7، ص60).
ثالِثاً: أثره العملي، ويظهر هذا الأثر واضحاً على أخلاق المؤمن وسلوكه، فنجد الإنسان المتسلح بالإِيمان يسلك سلوكاً مثالياً يرتكز على الثوابت الأخلاقية، والملاحظ أنّه كلما كمل إيمان الفرد كلّما حسنتْ أخلاقُهُ وتكاملتْ فضيلتُهُ.
رَابِعاً: أثره النفسي، فعندما يذكر المؤمن ربّه ويرجع إلىه سبحانه، يطمئن قلبه، ويتبدد خوفه، ويتغلب على ضعفه، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللهِ أَلَا بذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ)(سورة الرعد: 28).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آثَارُ الصَّدَقَةِ
السؤال: ما هي الآثار العَقَدية للصدقة في حياة الانسان؟ أو بعبارة أخرى: ماذا تصنع الصدقة في حياة الانسان؟
الجواب: إنَّ العقيدةَ الإسلاميَّةَ تقومُ على أساس الاعتراف بقدرة اللهِ المطلقة، وسعتها الكبيرة في تَغييرِ المقدَّرات المرتبطة بالإنسان في مجال العُمرِ والرِزقِ وغيرهما، ومن الأعمال التي تؤثر في حياة الانسان وتغيير مصيره هي الصدقة، فقد دلّتْ الآياتُ القرانيةُ والأحاديثُ الصحيحةُ على أَنَّ الإنسانَ قادرٌ على تغييرِ مصيرِه بالصدقة، فقد تكون الصدقة توجب تَبَدُّل القضاء السيِّئ إِلى القضاء الحسن، أو من الحسن إلى الأحسن، فليس الإِنسانُ محكوماً بمصيرٍ واحدٍ غيرِ قابلٍ للتغيير، بل إِنّهُ يتغيّرُ ويتبدّلُ دائماً بواسطة أعماله الصالحة.
ويدلُّ على ذلك:
مِن الآياتِ: قوْلُه سُبْحَانه: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِّنَ الصَّالِحِينَ)(المنافقون:10)، فالآيةُ تُبَيِّنُ تأثير الصدقة على حفظ الانسان من الموت، واستمرار حياته في هذه الدنيا.
ومِن الرواياتِ: ما رواهُ السّيوطي عَن الإمامِ عَلِيٍّ (ع): أنّهُ سَألَ رَسُولَ اللِه (صلى الله عليه وآله) عنْ هَذهِ الآيةِ: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39)؟ فَقَالَ لَهُ (صلى الله عليه وآله): (لَأُقِرَّنَّ عَيْنَيْكَ في تَفْسِيْرِهَا، وَلَأُقِرَّنَّ عَيْنَ أُمَّتِي بَعْدِي بِتَفْسِيْرِهَا: الصَّدَقَةُ عَلَى وَجْهِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، وَاصْطِنَاعِ المَعْرُوْفِ، يُحَوِّلُ الشَّقَاءَ سَعَادَةً، وَيَزِيْدُ في العُمْرِ، وَيَقِي مَصَارِعَ السُّوْءِ) (الدر المنثور، السيوطي: ج4، ص661).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آثَارُ القَضَاءِ والقَدَرِ
السؤال: ما هي آثار الرضا بالقضاء والقدر في مصير وحياة الانسان؟
الجواب: مسألة الايمان بالقضاء والقدر من المسائل التي لا يمكن تجاهلها أو غض النظر عنها، قال الشيخ جعفر السبحاني: (لا شكّ أنّ القضاء والقدر من المعارف القرآنية التي لا يمكن لأحد إنكارها ولا تأويلها)(رسائل ومقالات: ج5، ص120).
ويُعتبر الرضا بالقضاء والقدر الإلهي من التعاليم الإسلامية المهمّة، بمعنى أنّ الإنسان المسلم يجب أن يرضى بما يقدّره ويقضيه الله تعالى له في الحياة الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)(الفرقان:2).
وللرضا بالقضاء والقدر آثار ونتائج وبركات عظيمة في حياة الإنسان الاجتماعية الدنيوية والأُخروية:
منها: إنّ الرضا بالقدر يحرّر الإنسان من مرض الحرص والحسد ويجلب له الغنى، ويؤدّي الرضا بالقضاء بالإنسان إلى أنْ لا يخشى إلَّا الله سبحانه.
ومنها: إنّ الرضا بالقضاء يمنح الإنسان القدرة على الصبر وتحمل أنواع الابتلاءات الدنيوية.
ومنها: إنّ الرضا بالقضاء يخرج الهمّ من القلب، ويوجد الهدوء والسكينة، ويهيّئ للإنسان أفضل حياة وأجملها، كما جاء عن الإمام عليّ (ع): (إِنَّ أَهنأَ النَّاسِ عَيْشَاً مَنْ كَانَ بِما قَسَمَ اللهُ لَهُ رَاضِيَاً)(غرر الحكم: 3397).
فالنتيجة: إنّ الرضا بالقضاء والقدر هو أهمّ عوامل تكامل الإنسان، وأسمى مرتبة للكمالات الانسانية، بل هو واقعاً مقام الانسان الكامل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَثَرُ الصَّدَقَةِ في مَصِيرِ الإِنْسَانِ
السؤال: هل صحيح أنَّ الصَّدَقَةَ تُغيّرُ مصيرَ الإِنسانِ من حالٍ إلى حالٍ؟ وما هو الدليلُ على ذلكَ؟
الجواب: نعمْ؛ فقد دلّتْ الآياتُ والأحاديثُ الصحيحةُ على أَنَّ الإنسانَ قادرٌ على تغييرِ مصيرِهِ بحسنِ أَفعالِهِ، وصلاحِ أَعمالِهِ، مثل الصدقَة والإِحسان وصلة الأَرحام وبرّ الوالدين، إِلى غير ذلك من الأُمور المغيّرة للمصير، الموجبة لتبدّل القضاء السيِّئ إِلى القضاء الحسن، كما أَنّه قادر على تغيير مصيره الحسن إِلى المصيرِ السيِّئ بالأَعمالِ التي تقابل ُتلكَ الأعمال، فليس الإِنسانُ محكوماً بمصيرٍ واحدٍ غيرِ قابلٍ للتغيير، بل إِنّهُ يتغيّرُ ويتبدّلُ بالأَعمال الصالحة أَو الطالحة.
ويدلُّ على ذلك:
منَ الآياتِ: قوْلُه سُبْحَانه: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِّنَ الصَّالِحِينَ) (المنافقون:10).
ومنَ الرواياتِ: ما رواهُ السّيوطي عَنْ عَلِيٍّ (ع): أنّهُ سَألَ رَسُولَ اللِه (صلى الله عليه وآله) عنْ هَذهِ الآيةِ: (يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39)؟
فقالَ لَهُ: (لَأُقِرَّنَّ عَيْنَيْكَ في تَفْسِيْرِهَا، وَلَأُقِرَّنَّ عَيْنَ أُمَّتِي بَعْدِي بِتَفْسِيْرِهَا: الصَّدَقَةُ عَلَى وَجْهِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، وَاصْطِنَاعِ المَعْرُوْفِ، يُحَوِّلُ الشَّقَاءَ سَعَادَةً، وَيَزِيْدُ في العُمْرِ، وَيَقِي مَصَارِعَ السُّوْءِ) (الدر المنثور، السيوطي: ج4، ص661).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إجْلالُ شَهْرِ مُحَرَّمٍ
السؤال: ماذا ينبغي فعله في شهر محرم؟ أو بعبارة اخرى: كيف يُجَلُّ ويُحترَمُ ويُقدَّرُ شهرُ الحزنِ من قبلِ المسلمينَ؟!!
الجواب: مع حلول شهر محرّم الحرام في كل عام، تتجدّد ذكرى استشهاد الإمام الحسين(ع) وأصحابه الأوفياء، وأسرِ أهلِ بيته(عليهم السلام) ظلماً وجوراً؛ فيلتزم الشيعةُ -وحتَّى المنصفون من غيرهم- بإحياء النهضة الحسينية الخالدة عبر القرون والأجيال، لكي يستلهم المجتمع البشري في كلِّ زمانٍ الدروس التي سَطَّرَهَا الإمامُ الحسينُ (ع) وأصحابُه في يوم عاشوراء ضد الظلم والظالمين.
وعليه ينبغي على كلِّ مسلمٍ منصفٍ أنْ يظهرَ من سلوكه وآدابه ما يدلّ على الحزن والأسى، ويقدِّرَ مشاعرَ المؤمنينَ، وأنْ يجتنبَ مظاهرَ الفرحِ والابتهاجِ والسرورِ، لا كما يفعلُ أعداءُ أهلِ البيتِ(عليهم السلام) في يوم عاشوراء من كلِّ سَنَةٍ منْ رقص وغناء ومجون.. وهذا ما لا تفعله حتى الجاهلية، فقد روي عن الإمام الرضا (ع)، أنَّه قالَ: (إِنَّ المُحَرَّمَ شَهرٌ كَانَ أَهلُ الجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ فِيهِ القِتَالَ، فَاستُحِلَّتْ فِيهِ دِمَاؤُنَا وَهُتِكَتْ فِيهِ حُرمَتُنَا... وَلَم تُرْعَ لِرَسُولِ اللهِ حُرمَةٌ فِى أَمرِنَا، إِنَّ يَومَ الحُسَينِ أَقرَحَ جُفُونَنَا وَأَسبَلَ دُمُوعَنَا... فَعَلَى مِثلِ الحُسَينِ فَليَبكِ البَاكُونَ..)(إقبال الاعمال، السيد بن طاووس: ج2، ص544).
فينبغي على المسلم أنْ يستنكرَ كلَّ مظاهرِ الفرحِ في عاشوراء إظهاراً للمودّة لأهل البيت(عليهم السلام)؛ لأنَّ الإمامَ الحسينَ (ع) نبراسٌ لكل المسلمينَ، بل لكلِّ الأحرارِ في العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إحيَاءُ الشَّعَائِرِ الحُسَينيَّةِ
السؤال: لماذا يُقيم الشيعةُ العزاءَ على الإمامِ الحسينِ(ع) في كلِّ عام؟
الجواب: إنّ إقامة العزاء على الامام الحسين (ع) في كل عام هو إحياءٌ لذكراه (ع)، وانما يحيي الشيعةُ هذه الذكرى في كل عام للأسباب الآتية:
أولاً: إنّ المُثُلَ العليا والقيمَ السامية والمباديء العظيمة التي جسّدها الإمام الحسين(ع) في الطفّ، جعلت من الشيعة يحيون ذكراه في كل عام، وذلك باعتبارها خير أُسوة يتأسّى بها كل المجتمعات الانسانية.
ثانياً: إحياءُ الشعائر الحسينية إحياءٌ لأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله)، حيث قال (صلى الله عليه وآله): (حُسين منّي وأنا مِنْ حُسين)(سنن الترمذي: ج5، ص324)، وإحياءُ أمرِ النبيّ(صلى الله عليه وآله) إحياءٌ للدين الإسلامي.
ثالثاً: مواساة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بهذا المصاب الجلل من أظهرِ مصاديقِ المودّةِ التي أمر الله (سبحانه) بمودّة العترة الطاهرة؛ إذ قال تعالى: (قُلْ لَا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَى) (الشورى:23).
رابعاً: إنّ في إقامة هذه الشعائر نصرةً للحقّ وإحياءً له، وخذلاناً للباطل وإماتةً له من خلال بيان ما جرى على أهل البيت (عليهم السلام) من الظلم والجور.
خامساً: إنّ إحياءنا لهذه الذكرى هو حفظ لها من الضياع، وصون لمبادئها من التزييف، ولولا ذلك لاضمحلّت وأنكرها المخالفون، كما حاولوا إنكار غيرها كواقعة الغدير!!
سادساً: بإقامتنا لهذه الشعائر -لاسيّما المجالس الحسينية- نكشف عن منهج مدرستنا، فهي مؤتمرات دينية تُطرح فيها مختلف المعارف والعلوم من الفقه والعقائد والسيرة والتاريخ وغيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أدلة إسبال اليدين في الصلاة
السؤال: إنّ الشيعة تُسبل اليدين في الصلاة، والسنة يتكتّفون فيها، فما هو الصحيح؟ وما الدليل عليه؟
الجواب: يعتقد الامامية إنّ إسبال اليدين في الصلاة هو الصحيح، وعدم جواز التكتّف، والأدلة على ذلك كثيرة، نذكر منها:
فالنتيجة: إنّ التكتّف، أو ما يسمى بـ (التكفير في الصلاة) غير جائز على معتقد الشيعة، فلذلك يسبلون أيديهم في الصلاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَدِلَّةُ التَّقِيَّةِ مِنَ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ
السؤال: ما هي الأدلة على جواز التقية من الروايات؟
الجواب: ان الروايات الدالة على جواز التقية كثيرة من طرق الفريقين، منها:
1- سئل الامام الصادق (ع) عن التقية، فقال: (التقية من دين الله، قلت: من دين الله؟ قال: إي والله… من دين الله، ولقد قال يوسف: (أيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) (يوسف:70)، والله ما كانوا قد سرقوا شيئاً، ولقد قال ابراهيم: (إِنِّي سَقِيمٌ) (الصافات:89) والله ما كان سقيماً. (البحار، المجلسي: ج72، ص412).
2- أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة أنّه قال: (حفظت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعاءين: فأما أحدهما، فبثثته، وأما الآخر، فلو بثثته قُطِعَ هذا البلعوم). (صحيح البخاري: ج1، ص41، كتاب العلم، باب حفظ العلم)، وقد صرّح ابن حجر في فتح الباري بأن العلماء حملوا الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي تبيّن أسامي أمراء السوء وأحوالهم، وأنّه كان يكني عن بعضه، ولا يصرّح به خوفاً على نفسه منهم، كقوله: (أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان)، يشير إلى حكم يزيد بن معاوية؛ لأَنّها كانت سنة ستين من الهجرة. (فتح الباري، ابن حجر العسقلاني: ج1، ص173).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَدِلَّةُ التَّقِيَّةِ مِنَ العَقْلِ والاجْمَاعِ
السؤال: ما هو الدليل على التقية من الاجماع والعقل؟
الجواب: قد استدلَ على التقية بالأدلة الأربعة، وقد ذكرنا في منشورين سابقين دليلي الكتاب والسنّة، والآن نذكر دليلي الاجماع والعقل.
أما الاجماع فقد اتفق جميع المسلمين وبلا استثناء على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يدعو الناس سراً الى الاسلام مدة ثلاث سنين من نزول الوحي، فلو كانت التقية غير مشروعة لما مرّت الدعوة الى الدين الحنيف بهذا العمر من التستر والكتمان، وقد نقل الاجماعَ على أن التقية مشروعة وجائزة جمهرةٌ من علماء السنّة منهم القرطبي المالكي، قال في (الجامع لأحكام القرآن: ج1، ص180): أجمع أهل العلم على أنّ من أُكرهَ على الكفر حتى خَشِيَ على نفسه القتل انه لا إثمَ عليه أنْ كفرَ وقلبُه مطمئنٌ بالإيمان.
وأمّا دليل العقل فإن التقية موافقة لمقتضاه، فإنَّ جميع الناس يستعملونها في حالات الخطر والضرر من دون أن يسموها تقية، وأما فقه المذاهب الاسلامية فقد ذهبوا الى جوازها فتجد الامام مالك في (المدونة الكبرى: ج3، ص29) يقول بعدم وقوع طلاق المكره على نحو التقية محتجاً بذلك بقول الصحابي ابن مسعود: ما من كلام يدرأ عني سوطين من سلطان إلا كنت متكلماً به، ولا شك أن الاحتجاج بهذا القول يعني جواز إظهار خلاف الواقع في القول عند الاكراه ولو تمّ أي الاكراه بسوطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَدلَّة التَّقِيَّةِ مِنَ القُرْآنِ الكَريمِ
السؤال: ما هو المقصود بالتقية؟ وهل ورد دليل قرآني عليها؟
الجواب: إنَّ التقية رخصة شرعية في كتاب الله (عزوجل) وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، تعمل في موارد الخوف والخطر والضرر، وقد جرت سيرة الانبياء والاولياء والمؤمنين على العمل بها، وقد استدل لجوازها بالأدلة الأربعة: الكتاب والسنة والاجماع والسيرة، ونذكر هنا بعض الأدلة القرآنية عليها:
1- قال تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ...) (غافر: 28). فنجد مؤمن آل فرعون يكتم إيمانه خوفاً من الضرر.
2- قال تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) (النحل:106)، فنجد الصحابي الجليل عمّار بن ياسر يعمل بالتقية، والنبي (صلى الله عليه وآله) يمضي عمله ويجوّز له العمل بها، وقد اشتهر في كتب التفسير أن هذه الآية نزلت في عمّار بن ياسر الذي عذّب في الله حتى ذكر آلهة المشركين، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن عادوا فعد). (تفسير الماوردي: ج3، ص215)، (تفسير الميزان، الطباطبائي: ج12، ص357)، وتفاسير أخرى للفريقين.
وهناك آيات أخرى كثيرة دالة بالصراحة أو بالضمن على التقيّة لا يسع المجال لذكرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أدِلَّةُ خَتْمِ النُّبُوَّةِ
السؤال: ادعى بعضُ النّاسِ النّبوّةَ بعد النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فهل هناك أدلة على ختم النّبوّة، وأنّه لا يوجد نبي بعد خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)؟
الجواب: الخاتم في اللغة العربية يطلق على الأشياء التي تختتم بها آخر الرسالة، فالختم في الماضي يعادل التوقيع في أيامنا، ويدل الختم على صحة الكتاب الوارد من الغير، قال ابن سعد: (قد اتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خاتماً من فضة نقشه ثلاثة أسطر: محمد رسول الله، وختم به الكتب)(الطبقات الكبرى: ج١، ص٢٥٨).
ومن الأدلة النقلية على ختم النبوة بسيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله):
1-قوله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(الأحزاب:٤٠)، والآية صريحة في معنى خاتم النبيين، أي لا نبي بعده، قال الشيخ جعفر سبحاني: (والختم على النبوّة عبارة عن أنّه أوصَدَ بابَ النبوّة، وطبعَ على بابِها، فهو مقفل إلى يوم القيامة، لا يفتح في وجه أحد)(مفاهيم القرآن: ج3، ص120).
2- حديث المنزلة وذلك عندما خرج النبي (صلى الله عليه وآله) لغزوة تبوك وخلّفَ علياً (ع) بعده، فقالَ لَهُ: (أما ترضى أنْ تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبي بعدي...)(صحيح البخاري، ج3، ص58). فهذا الحديث يدل صراحةً على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) خاتم الأنبياء، ولا نبي بعده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ازْدِيَادُ عِلْمِ المعْصُومِ(عليه السلام)
السؤال: هل يتفاوت المعصومون (عليهم السلام) في علومِهم؟ وهل أنَّها تزداد؟
الجواب: نحن نعتقد أنَّ علومَ المعصومين (عليهم السلام) فيما بينهم متساوية، ولا تفاوت بينهم من هذه الجهة، وإنما يكون التفاضل والتفاوت من جهاتٍ أُخر، فلا يمكن أنْ نقولَ أنَّ الإمامَ عليَّاً (ع) أعلم من الإمام الحسن (ع)، أو الامام الحسين(ع) أعلم من الامام الباقر(ع)، وهكذا، قال الإمامُ الصادقُ(ع): (لَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) حَتّى يَبْدَأَ بِرَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)، ثُمَّ بِأَمِيرِ الُمؤْمِنِينَ(ع)، ثُمَّ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ؛ لِكَيْلَا يَكُونَ آخِرُنَا أَعْلَمَ مِنْ أَوَّلِنَا)(الکافي، الكليني: ج1، 633).
ويظهر من بعض الروايات أنَّ علومَهم (عليهم السلام) تزداد باختلاف الأزمنة والاوقات، فبعض علومهم (عليهم السلام) تزداد في الليل والنهار، عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنَّه قال: (إنا لنُزادُ في الليلِ والنّهارِ، وَلَو لَم نُزَدْ لَنَفَدَ مَا عِندَنَا)(بحار الأنوار، المجلسي: ج26، ص87).
ويزداد بعضها في كل ليلة جمعة، قال الإمامُ الصادقُ (ع): (إِنَّ لَنَا فِي كُلِّ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَفْدَةً إِلَى رَبِّنَا، فَلَا نَنْزِلُ إِلَّا بِعِلْمٍ مُسْتَطْرَفٍ)(بصائر الدرجات، الصفّار: 131)، بل تزداد علومُهم (عليهم السلام) في كُلِّ سَاعةٍ، يُبَيِّنُ الإمامُ السّجادُ (ع) في ذيل رواية منقولة عنه: (...مَعَ الزِّيَادَةِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَفِي كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ قَالَ: إِي وَاللهِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ)(الاختصاص، الشيخ المفيد: ص314).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَسْبَابُ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الحُسَينيَّةِ
السؤال: لماذا تقيم وتحيي الشيعةُ العزاءَ على الإمام الحسين(ع)؟
الجواب: إنّ المُثُلَ العليا والقيم السامية التي جسّدها الإمام الحسين(ع) في الطفّ، جعلت السائرين على نهجه والمرتبطين به يحيون ذكراه، وذلك باعتبارها خير أُسوة يتأسّى بها الناس، فالإحياء لشعائر الحسين(ع) إحياء لذكر رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لأنّه قال (صلى الله عليه وآله): (حسين منّي وأنا من حسين) (سنن الترمذي، الترمذي: ج5، ص324، ح3864)، فهما(عليهما السلام) من سنخ واحد، وإحياء ذكرى النبيّ(صلى الله عليه وآله) إحياء للدين، باعتباره الرمز الأوّل للإسلام، فالشيعة يحيون هذه الذكرى الأليمة من هذا المنطلق، ومن منطلقات عديدة أُخرى، منها:
أولاً: امتثال أمر الله (سبحانه وتعالى)، القاضي بمودّة العترة الطاهرة؛ إذ قال تعالى: (قُلْ لَا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَى) (الشورى:23)، ومواساة رسول الله(صلى الله عليه وآله) بهذا المصاب الجلل من أظهر مصاديق المودّة. (كنز العمّال، الذهبي: ج12، ص123، ح3429).
ثانياً: إنّ في إقامة هذه الشعائر نصرةً للحقّ وإحياءً له، وخذلاناً للباطل وإماتةً له.
ثالثاً: إنّ إحياءنا لهذه الذكرى هو حفظ لها من الضياع، وصون لمبادئها من التزييف، ولولا ذلك لاضمحلّت وأنكرها المخالفون، كما حاولوا إنكار غيرها!!
رابعاً: بإقامتنا لهذه الشعائر -لاسيّما المجالس الحسينية- نكشف عن منهج مدرستنا، هذه المدرسة الجامعة لمختلف الطبقات والفئات، إذ يعرض فيها التفسير والتاريخ، والفقه والأدب، وو... فهي مؤتمرات دينية، تُطرح فيها مختلف المعارف والعلوم.
خامساً: إنّ إحياءنا لهذه الشعائر، هو أفضل وأبسط وأنجح وسيلة لنشر الإسلام الأصيل؛ لأنّها حيّة وغير معقّدة، ولذلك كانت ولا زالت أشدّ تأثيراً في النفوس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسْتحْبَابُ البُكاءِ عَلَى الإمامِ الحُسَينِ(عليه السلام)
السؤال: هل يجوز البكاء على الامام الحسين(ع)؟
الجواب: إنَّ البكاء جائز في حد نفسه، ولو لم يكن كذلك لما فعله النَّبيُّ الأكرمُ (صلى الله عليه وآله)، حيث بكى على عثمان بن مظعون وابنه إبراهيم وزيد بن حارثة وعمه الحمزة... وغيرهم، بل وحث أهل المدينة على البكاء على الحمزة، حيث قال: (لكن حَمْزَة لَا بَواكِيَ عَلَيهِ)(وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج2، ص924)، وفي يَوْمِ استشهادِ جَعْفرِ الطَّيّار(ع)، إِذْ جَاءتِ النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله) امرأتُهُ أَسماءُ بنتُ عُمَيْس فَعَزّاها، وَدَخَلَتْ فَاطمةُ (عَليْهَا السَّلامُ) وَهيَ تَبْكي وتقولُ: وآعمّاه، فقالَ النَّبيُّ(صلى الله عليه وآله): (عَلى مِثْلِ جَعْفَرٍ فَلتَبكِ البَوَاكي)(الاستيعاب: ابن عبد البر: ج1، ص243)، فهنا النّبيُّ الاكرمُ (صلى الله عليه وآله) لم ينْهَ عن البكاء بل أَمَرَ بِهِ.
فكيف بالبكاء على الامام الحسين (ع)؟! فإنَّهُ من المستحبات الأكيدة، لما فيه من المواساة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام)، بل هو من أعظم القربات إلى الله تعالى، فرسول الله(صلى الله عليه وآله) بكى على الإمام الحسين(ع)، وهو لم يزل في سنيِّ الطفولة، وقد وردَ أنَّ رسول الله خَرَجَ إلى أصْحَابِهِ -وفيهِم عَلِيٌّ (ع) وأبو بَكرٍ وعُمَرُ وحُذَيفَةُ وعَمّارٌ وأبو ذَرٍّ- وهُوَ يَبكي، فَقالوا: ما يُبكيكَ يا رَسولَ اللهِ؟ فَقالَ: أخبَرَني جِبريلُ أنَّ ابنِيَ الحُسَينَ يُقتَلُ بَعدي بِأَرضِ الطَّفِّ)(اعلام النبوة، الماوردي: ص137)، فَفِعْلُ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) حُجَّةٌ علينا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استمرار الإمامة
السؤال: هل صحيح ان الامامة مستمرة من النبي إبراهيم (ع) الى علي وأولاده (عليهم السلام)؟
الجواب: الأدلة على استمرار الامامة كثيرة من القران الكريم، نذكر منها الاية المباركة من قوله تعالى لإبراهيم الخليل(ع): (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة:124.
هذه الإمامة هي غير النبوّة والرسالة التي كانت لإبراهيم(ع)، والشاهد على ذلك إنّ قوله تعالى: (وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً)، يدلّ على أنّ هذه الإمامة الموهوبة إنّما كانت بعد ابتلائه بما ابتلاه الله به من الامتحانات، وليست هذه إلاّ أنواع البلاء التي ابتلي(ع) بها في حياته، وقد نصّ القرآن على أنّ من أوضحها قضيّة ذبح إسماعيل(ع)، قال تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذبَحُكَ...) إلى أن قال: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاَءُ المُبِينُ) الصافات:102. (الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي: ج1، ص268).
وهذا ما أكّدته جملة من الروايات الصحيحة الواردة في المقام، فورد عن الإمام الصادق(ع) في حديث مطوّل يقول فيه: (وقد كان إبراهيم(ع) نبيّاً وليس بإمام حتّى قال الله(سبحانه): (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً). (الكافي، الكليني: ج1، ص175، كتاب الحجّة، باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة).
وهذه الإمامة التي تثبت لإبراهيم(ع) طلبها لذرّيته من بعده، حيث قال: (وَمِن ذُرِّيَّتِي) وقد استجاب الحقّ سبحانه دعاءه، ولكن لم يجعلها في الظالمين من ذرّيته، وإنّما في غيرهم، ومن الواضح أنّ استجابة دعائه في ذرّيته، لا يختص بالصُلبيين فقط، بل هو شامل لجميع ذرّيته شريطة أن لا يكون ظالماً.
وهذا ما بيّنه الإمام الرضا(ع) بقوله: (إنّ الإمامة خصّ الله عزّوجلّ بها إبراهيم الخليل(ع) بعد النبوّة، والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره، فقال: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً)، فقال الخليل(ع) سروراً بها: (وَمِن ذُرِّيَّتِي)، قال الله سبحانه: (لاَ يَنَالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ)، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة، ثمّ أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة والطهارة، فقال: (وَوَهَبنَا لَهُ إِسحَاقَ وَيَعقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلنَا صَالِحِينَ، وَجَعَلنَاهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا وَأَوحَينَا إِلَيهِم فِعلَ الخَيرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (الأنبياء:72-73)، فلم تزل في ذرّيته يرثها بعضاً عن بعض، قرناً فقرناً، حتّى ورّثها الله تعالى النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فقال تعالى: (إِنَّ أَولَى النَّاسِ بِإِبرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنِينَ) (آل عمران:68)، فكانت له خاصّة، فقلّدها عليّاً(ع) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَالإِيمَانَ لَقَد لَبِثتُم فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَومِ البَعثِ) (الروم:56)، فهي في ولد عليّ(ع) خاصّة إلى يوم القيامة). (تحف العقول، ابن شعبة الحراني: ج1، ص436).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسمُ الامام الحسن(ع) من السماء
السؤال: هل صحيح انه عندما ولد الامام الحسن (ع) كانت تسميته من الله؟ كيف ذلك؟
الجواب: ولد الإمام أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) في المدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية من الهجرة الشريفة، فاقبل النبي (صلى الله عليه وآله) وأقام السنة النبوية عليه فأذَّنَ في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى وعقّ عنه بكبش، ثم هنَّأَ علياً (ع) على مولوده الجديد، وسأله ما سميته؟ فقال: ما كنت لأسبقكَ يا رسول الله، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): وما كنت لأسبق ربي باسمه.
فنحن نعتقد ان تسمية الامام الحسن (ع) من الله (تبارك وتعالى)، حيث توجد روايات كثيرة وعديدة ومتواترة تذكر هذا المعنى، منها رواية الامالي للشيخ الصدوق:-
(عن أبي حمزة الثمالي، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (ع) قال: لما ولدت فاطمةُ الحسنَ (عليهما السلام) قالت لعلي (ع): سمِّه، فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأُخرِج إليه في خرقة صفراء، فقال: ألم أنهكم أن تلفوه في خرقة صفراء؟ ثم رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفه فيها، ثم قال لعلي (ع): هل سمَّيْته؟ فقال: ما كنت لأسبقك باسمه؟ فقال (صلى الله عليه وآله): وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد إبنٌ فاهبط واقرئه السلام وهنئه وقل له: إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون فهبط جبرئيل (ع) فهنأه من الله عز وجل، ثم قال: إن الله عز وجل يأمرك أن تسمِّيه باسم ابن هارون، قال: وما كان اسمه؟ قال: شبّر، قال: لساني عربي، قال: سمه الحسن، فسماه الحسن). (الأمالي، الشيخ الصدوق: ص197-198).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أصْحَابي كَالنُّجوم) سَنَدَاً ودلَالةً
السؤال: تستدل بعض فرق المسلمين على عدالة جميع الصحابة بحديث ينقل عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم)(جامع الأصول: ج9، ص410، كتاب الفضائل، الحديث 6359)، فهل يصح الاستدلال بهذا الحديث؟
الجواب: إنّ هذا الحديث غير صحيح سنداً، فهو من الاحاديث الموضوعة على النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد صرح أغلب علماء المسلمين بذلك، منهم أحمد بن حنبل وابن حزم والبيهقي وابن عساكر والذهبي، وغيرهم، قال الألباني في كتابه (سلسلة الأحاديث الضعيفة: ج1، ص144): هذا حديث موضوع. فظهر من كل ذلك بطلان الحديث من حيث السند.
وهو باطل من جهة الدلالة أيضاً، لأنّه يلزم منه التناقض، قال الشيخ جعفر سبحاني: (لأنّ هذا يوجب أن يكون أهل الشام في صفّين على هدى، وأن يكون أهل العراق أيضاً على هدى، وأن يكون قاتل عمار بن ياسر مهتدياً، وقد صحّ الخبر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال له: (تقتلك الفئة الباغية)، وقال سبحانه: (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِى حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(الحجرات:9) فدلَّ على أنّها ما دامت موصوفة بالمقام على البغي فهي مفارقة لأمر الله، ومن يفارق أمر الله لا يكون مهتدياً)(محاضرات في الالهيات: ص481).
فكيف يصح الاقتداء والاهتداء بمن انقلب على عقبيه، أو مرد على النفاق، أو أحدث بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟! وكيف يهتدى بمن يسب بعضُهم البعضَ، ويضرب بعضُهم البعضَ، ويستبيح بعضُهم قتلَ بعضٍ...؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إقامةُ الشَّعائِرِ الحُسَيْنِيَّةِ مُسْتَحَبٌّ مُؤكَّدٌ
السؤال: هل أنَّ الإنسانَ يُحاسَبُ شرعاً لو لم يُقِمْ أو يَحضر مراسم عاشوراء والمناسبات الدينية الأُخرى المتعلّقة بالأئمّة(عليهم السلام)؟
الجواب: المراسم والطقوس الدينية المرتبطة بإقامة العزاء لأهل البيت(عليهم السلام) وخصوصاً الإمام الحسين (عليه السلام) تندرج ضمن الشعائر التي ذكرها الله تعالى بقوله: (وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ)(الحج:32)، وعدم إقامة هذه الشعائر لا يترتّب عليه إثمٌ شرعيٌّ؛ لأنَّ إقامتها ليسَ واجباً شرعياً، بل هو من المستحبّات المؤكّدة التي رغَّبَ فيها النَّبيُّ الاكرمُ (صلى الله عليه وآله) والائمة المعصومون (عليهم السلام).
ولكن نرى البعض يغالط نفسه فيقول: انا أحب أهل البيت (عليهم السلام)، وهو بالمقابل لم يحضر في مناسباتهم وخصوصاً عزاء سيد الشهداء (ع) في شهر محرم الحرام، إذ الحبّ القلبي لوحده لا يكفي، فلا بدّ من ترجمة هذا الحبّ القلبي والانتقال به إلى مرحلة الإظهار والعمل واقعاً، ومن أبرز مصاديق إظهار الحب هو إحياء أمرهم(عليهم السلام) بعقدِ المجالسِ والمآتم والحضور فيها.
فإحياء وإقامة هذه المجالس الحسينية إحياءٌ للقلوب، وتركُها يؤدِّي بالانسان إلى فواتِ الأجر والثواب العظيم عند الله سبحانه، ولا أعتقد أنَّ أحداً لا يريد أنْ يُحْييَ قلبَهُ بذكرِ الحسينِ (عليه السلام) إلَّا المعاند وهذا شأنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأثَرُ التَّرْبَويُّ للبَدَاءِ
السؤال: ما هو الأثر التربوي للبداء على حياة الانسان؟
الجواب: من الواضح إنَّ الأثر التربوي للبداء هو بث روح الامل عند الانسان، وأنَّ انكار البداء يترتب عليه اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى، وكل ما قُدّر في حق الإِنسان من الحياة والموت والصحة والمرض والغنى والفقر يمكن تغييره بالدعاء والصدقة وصلة الرحم وغيرها، فالبداء باعث للرجاء في قلوب الناس، والعبد يستطيع أنْ يغيّر حياته من الشقاوة إلى السعادة بأفعاله وأعماله، قال الشيخ جعفر سبحاني: (أنّ العبد لو تاب، وعمل بالفرائض، وتمسّك بالعروة الوثقى، فإنّه يخرج من سلك الأشقياء، ويدخل في صنف السعداء، وبالعكس، ... هذا من باب الرحمة الإلهية لأجل بثّ الأمل في قلب الإنسان)(مع الشيعة الامامية في عقائدهم: ص103).
وقد ينعكس الحال فتتغير حياة الانسان من السعادة إلى الشقاوة والعياذ بالله بسبب بعض الذنوب والمعاصي، قالَ أميرُ المؤمنينَ(ع) في خُطبةٍ له: (أعوذُ باللهِ مِنَ الذُّنوبِ التي تُعَجِّلُ الفَناءَ)، فقامَ إليهِ عبدُ اللِه بنُ الكوّاءِ اليَشْكُرِيُّ فقالَ: يا أميرَ المؤمنينَ، أو تكونُ ذُنوبٌ تُعَجِّلُ الفَناءَ؟ فقالَ: (نَعَم وَيلَكَ قَطيعَةُ الرَّحِمِ)(الوافي، الفيض الكاشاني: ج5، ص917).
فيكون البداءُ منبهاً للإنسان واقعاً في مسيرةِ حياتهِ إذا اعتقد وآمن به، فلا ييأس من روح الله، ويتصور أنّه من الأشقياء وأهل النار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأدلة العقلية على عصمة الأنبياء(عليهم السلام)
السؤال: ما هي الأدلة العقلية على عصمة الأنبياء (عليهم السلام)؟
الجواب: قد ذكر العلماء أدلّةً عقليةً كثيرةً على عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، من جملتها:
1-لو أقدم النبي على المعصية لوجب أن يكون مردود الشهادة، لأنّ شهادة الفاسق وإخباره غير مقبولة، فكيف يمكنه والحالة هذه أن يكون شاهداً على الوحي الإلهي في الدنيا أو على الأمم يوم القيامة؟!
2-لو صدر من الأنبياء ذنبٌ، فهذا يعني أنَّ منزلتهم أقلّ من عصاة الأمّة، إذ أنَّ مقام النبوّة في غاية الرفعة والسمو، فارتكابهم للمعاصي والإعراض عن أوامر ربّهم ونواهيه من أجل لذّة فانية أقبح وأشنع من عصيان هؤلاء، وهذا ما لا يقرّه عاقل.
3-أنّ الأنبياء لو كانوا يأمرون الناس بصالح الأعمال واجتناب قبيحها، ولم يلتزموا هم بذلك، لكان منكراً عليهم، وهذا ينافي النبوة.
4-لو صدر عن النبي ذنبٌ صار مصداقاً للظلم، وهو ظلم الآخرين أو ظلم نفسه، وهذا لا يتناسب مع مقام نبوّته؟ (تفسير الأمثل، ناصر مكارم الشيرازي: ج7، ص154، بتصرف)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأدلة العقلية على عصمةِ الأئمةِ (عليهم السلام)
السؤال: ما هي الأدلة العقليّة على عصمة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؟
الجواب: إنّ الأدلّة العقليّة كثيرة، نقتصر على ثمانيةٍ منها:-
الأوّل: الإمام يجب أن يكون معصوماً بعد النّبي (صلى الله عليه وآله) لوجوب الحاجة إلى النّبي (صلى الله عليه وآله)، فهو في مقام النّبي ورتبته ما عدا النّبوة، فالنبي (صلى الله عليه وآله) تجب فيه العصمة، فكذلك تجب العصمة في الإمام، فما دلّ على عصمة النّبيّ دلّ على عصمة الإمام؛ لأنّ النّبوّة والإمامة من الله تعالى، فلا يجوز بعث غير المعصوم في النّبوّة، ولا نصب غير المعصوم في الإمامة، لأنّه قبيح عقلاً، وهو لا يفعل القبيحَ.
الثاني :الإمام يجب أن يكون حافظاً للشّرع، فيجب أن يكون معصوماً؛ ليُؤمنَ منه الزّيادة والنّقصان في الشريعة .
الثالث: الإمام يجب أن يكون منزّهاً عن جميع الذنوب والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، لأنّه أقرب إلى الخالق تعالى في الرّعيّة؛ فيجب أن يكون معصوماً، وإلاّ تساوى الامام والمأموم، والتابع والمتبوع، والله سبحانه يقول: (...هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب)(الزّمر:9.(
الرابع :الإمام يجب أن يكون أعلى رتبة في الرّعية، فيجب أن يكون معصوماً، وإلاّ انحط عن رتبة ساير الرّعية عند فعله المعصية.
الخامس: يجب أن يكون الامام متولّياً لسياسة الرّعية، فيجب أن يكون معصوماً؛ ليؤمن منه الظّلم والجور والتّعدّي في الحدود والتّعزيرات .
السادس :الإمام يجب أن يكون غير جائز الخطأ، وإلاّ لاحتاج إلى مدد، فيجب أن يكون معصوماً؛ وإلاّ لاحتاج الى غيره.
السابع :الإمام يجب أن يكون صادقاً على الإطلاق؛ ليحصل الوثوق بإخباره، فيجب أن يكون معصوماً .
الثامن :الإمام يجب أن لا يفعل قبيحاً، ولا يترك واجباً، وإلاّ لارتفع محلّه من القلوب؛ فيجب أن يكون معصوماً .(مركز الأبحاث العقائدية بتصرف).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسْلامُ مُحَمَّدِيُّ الوُجُودِ حُسَيْنِيُّ البَقَاءِ
السؤال: ما هو المقصود من المقولة المشهورة: (الاسلام محمّديّ الوجود حسينيّ البقاء)؟
الجواب: إنّ الامة الإسلامية بعد وفاة النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله) أصبحت في سبات من ناحية الأحكام الشرعية والأخلاقية والعقائدية، يحتاج إلى من يوقظها ويعمل بالأحكام، ويعيد للدين مساره الصحيح، فنهض الإمام الحسين (ع) بثورته العظيمة لإحياء أمر الدين بعد أن طمست أعلامه بيد الأمويين، فلولا نهضته (ع) لما بقي أثر للدين الإسلامي، ولشَوَّهَ بنو أميّة وجهَ الدين بحيث لا يبقى له أصل بعد مضي سنوات قليلة من حكمهم الجائر، فكانت نهضة الامام الحسين (ع) في أهدافها وشعاراتها وبياناتها وأخلاقيّاتها هي عين نهضة الاسلام المحمّديّ الخالص للتحرّر من كلّ رواسب الجاهليّة، وقد أعطى النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) إشارة كبيرة لهذا الموضوع حينما قال: (حسين مني وأنا من حسين)(مسند الإمام أحمد: ج4، ص172)، ونتيجة لهذا الاتحاد بين الحقيقة الاسلاميّة والحقيقة الحسينيّة كانت عاشوراء امتداد للرسالة السماوية المحمدية، وفي إطار هذه الوحدة بين الاسلام المحمّديّ الخالص وبين ثورة الحسين (ع) يتجلّى لنا سرُّ كبيرٌ من أسرار تركيز أئمّة أهل البيت (ع) على عاشوراء وعلى تثبيت دعائمها ونشر آفاقها، وذلك بتوجيه الامّة توجيهاً مركّزاً وشدّها شدّاً محكماً إلى سيّد الشهداء (ع)، من خلال تأكيداتهم المتواصلة على عزاء الامام الحسين (ع).
الإِطعَامُ في مَجَالِسِ الحُسَينِ (ع)
السؤال: يقول البعض: لا يجوز الأكل من مائدة يوم عاشوراء والموائد التي تقام في مناسبات المعصومين (عليهم السلام)؛ لأنّها أُقيمت لغير الله تعالى؟
الجواب: إنّ الذبح والإطعام تارة يضاف لله تعالى فيقال: ذبح لله، وإطعام لله، ومعناه: أنّه ذبح لوجهه تعالى، وتقرّباً إليه، كما في الأضحية بالحج، والعقيقة، وغير ذلك.
وتارة يضاف إلى المخلوق، وهنا مرّة يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إلى المخلوق طلباً للخير منه، مع كونه حجراً أو جماداً، كما كان يفعل المشركون مع أصنامهم، فهذا شرك وكفر، سواء سمّي عبادة أو لا.
وأخرى يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إلى الخالق، فيقال: ذبحت الشاة للضيف، أو ذبحت الشاة للحسين(ع)، وأطعمت للحسين(ع)، أو لغيره من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، وهذا لا محذور فيه؛ لأنّه قصد ثواب هذه الذبيحة، أو هذا الطعام للحسين(ع)، ونظيره: من يقصد أن يخبز هذه الحنطة، ويتصدّق بالخبز على الفقراء، ويُهدي ثواب ذلك لوالديه، فأفعاله هذه كلّها طاعة، وعبادة لله تعالى لا لوالديه.
ولا يقصد أحد من المسلمين بالذبح للحسين(ع) أو بالإطعام له التقرّب إلى الإمام الحسين(ع) دون الله سبحانه، فليس الذبح له، بل عنه، بمعنى: أنّه عملٌ يُهدى ثوابه إليه، كسائر أعمال الخير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأنْبيَاءُ مبرَّأُونَ مِنَ الامْرَاضِ المنَفِّرَةِ
السؤال: هل أنّ الأنبياء مبرّأون من الامراض المنفرة للناس؟
الجواب: إنّ من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق أنبياء الله تعالى ورسله إبلاغ ما شرّعه الله سبحانه لعباده من الأحكام، وقيادة من آمن بهم؛ أي قيادة الأمة، وعليه فلابد أن تتوفر في الأنبياء والرسل صفات وإمتيازات تكون مركز قوة لجذب الناس إلى دين الله سبحانه، فالأنبياء حيث أن مسؤوليتهم الثانية قيادة المجتمع فلابد أن يكونوا مبرّئين من العاهات والأمراض المنفرة التي تشمئز منها النفوس حتى يحصل الغرض من بعثة الأنبياء وهو هداية الناس، قال الشيخ جعفر سبحاني: (ولهذا فإنَّ على الأنبياء أن يكونوا مُنَزَّهين عن العيوب الجسمية والروحيّة، لأَنّ تَنَفّرَ الناس من النبي، واجتنابَهم عنه ينافي الهدف من بعثهم، وهو إبلاغ الرسالات الإلَهيّة) (العقيدة الإسلامية: ص135).
ومن هنا لا يقال: أنّ النبي أيوب (ع) كان فيه مرضٌ منفّرٌ للناس، بحيث لم يبق معه أحد إلَّا زوجته؛ لأنّ المسألة لم تصل إلى حد قباحة منظره (ع) وتنفّر الناس منه، قال الامام الصادق (ع): (إِنَّ أَيُّوبَ (ع) مَعَ جَمِيعِ مَا ابْتُلِيَ بِهِ لَمْ تُنْتِنْ لَهُ رَائِحَةٌ، وَلاَ قَبُحَتْ لَهُ صُورَةٌ، ولَا اسْتَقْذَرَهُ أَحَدٌ رَآهُ،...، وَإِنَّمَا اجْتَنَبَهُ النَّاسُ لِفَقْرِهِ وَضَعْفِهِ فِي ظَاهِرِ أَمْرِهِ، لِجَهْلِهِمْ بِمَا لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَى مِنَ التَّأْيِيدِ وَالْفَرَجِ)(بحار الأنوار، المجلسي ج44، ص275).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأنبياءُ (عليهم السلام) معصُومُونَ
السؤال: ما هو الدليل على أنَّ الأنبياءَ (عليهم السلام) معصومون؟
الجواب: نحن الشيعة الامامية نعتقد بأنَّ الأنبياءَ (عليهم السلام) معصومون من المعاصي والزلل والذنوب، والدليل هو: ما يظهر من بعض الآيات القرآنية، منها قوله تعالى: (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلّاً هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ.... وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراط مُسْتَقيم). (الانعام: 84-87). ثم إنّه تعالى يصف هؤلاء الأنبياء بقوله: (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ). (الانعام: 90).
هذا من جانب، ومن جانب آخر نرى أنّه سبحانه يُصرِّح بأنّ مَنْ شَملته الهداية الإلهية لا مُضلَّ له، فيقول: (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِل). (الزمر: 37).
وفي آية اخرى تبين بأنّ حقيقة العصيان هي الضلالة: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ). (يس: 60-62). وبملاحظة هذه المجموعة من الآيات تظهر عصمة الأنبياء (عليهم السلام) بوضوح، وتوضيح ذلك:
أنّه سبحانه يصف الأنبياء (عليهم السلام) في الآيات أعلاه بأنّهم المهديون، وبأنَّ من شملته الهداية الإلهية لا ضلالة ولا مضل له، وبأنّ العصيان نفس الضلالة، فإذا كان الأنبياءُ (عليهم السلام) مهديين بهداية الله سبحانه، ومن جانب آخر لا يتطرق الضلال إلى من هداه الله، ومن جانب ثالث كانت كل معصية ضلالة، يستنتج أنّ من لا تتطرق إليه الضلالة لا يتطرق إليه العصيان، وهو المطلوب. (عصمة الأنبياء في القرآن الكريم، الشيخ جعفر السبحاني: ج1، ص47 بتصرف).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإيْمَانُ والعَقِيْدَةُ
السؤال :ما هو الحد الأدنى من المعرفة في العقيدة -الحد المنجي من النار- التي ينبغي للإنسان تحصيلها؟
الجواب: تشير الرواية التالية إلى معنى أدنى المعرفة التي يمكن للإنسان تحصيلها:
في حديث معاوية بن وهب مع الإمام الصادق قال (ع): (... إن أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الرب، والاقرار له بالعبودية، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره، ولا شبيه له ولا نظير، وأن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه ولا مبطل، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبوة، وأدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته، وإن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي، فذلك من الله (عزوجل)، وبعده معرفة الامام الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة الامام أنه عِدْلُ النبي إلا درجة النبوة، ووارثه، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كل أمر، والرد إليه، والاخذ بقوله، ويعلم أن الامام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي ابن أبي طالب، وبعده الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنا، ثم بعدي موسى ابني، وبعده علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن، ثم قال: يا معاوية جعلتُ لك أصلاً في هذا فاعمل عليه..). (بحار الانوار، المجلسي: ج4، ص55).