الأم: سأحدثكِ اليوم عن الاستحاضة.
البنت: وهل الاستحاضة من مختصّات النساء؟
الأم: نعم.
البنت: وهل هي نضح دموي؟
الأم: نعم، ولكن..
البنت: ولكن ماذا؟
الأم: لكن شرط أن لا يكون دم حيض، ولا نفاس، ولا جرح، ولا قرح ولا افتضاض بكارة.
البنت: معنى هذا أنَّ الاستحاضة هي كل دم لا يكون حيضاً ولا نفاساً ولا جرحاً ولا قرحاً ولا دم تمزّق غشاء البكارة.
الأم: نعم.
البنت: هذه دماء عديدة.
الأم: بعضها دليل خصوبة المرأة وشبابها، ألا تَرينَأنّها حين تشيخ وينقطع عنها دم الحيض لا تنجب؟!
البنت: دم الجروح والقروح والنفاس معروف عادة، ولكن كيف تعرف المرأة أنَّ هذا الدم دم استحاضة، وليس دم حيض؟
الأم: تذكَّري مواصفات دم الحيض؟
البنت: نعم، فهو دم أحمر أو أسود، يخرج بحرقة، وحرارة.
الأم: غالباً ما تكون مواصفات دم الاستحاضة مخالفة لمواصفات دم الحيض، فدم الاستحاضة غالباً أصفر اللون، ورقيق، ويخرج بلا لذعٍ ولا حرقة.
البنت: وكيف تشخص المرأة أنَّ هذا الدم ليس دم تمزّق غشاء البكارة إذا صادف ذلك يوم الزواج؟
الأم: دم تمزّق غشاء البكارة يحيط بالقطنة، ويطوِّقها كهلال من دم، بينما قد تنغمس القطنة بدم الاستحاضة، وقد يزيد فيتجاوزها إلى ما ربطتها به؟
البنت: إذن دم الاستحاضة قد يستوعب القطنة بخضابه؟
الأم: نعم، وقد لا يستوعبها، فالاستحاضة على ثلاثة أقسام:
استحاضة كثيرة: إذا انغمست القطنة بالدم وزاد، فتجاوزها إلى ما ربطتها به ولوّثه.
واستحاضة متوسطة: إذا انغمست القطنة بالدم، ولكنّه توقف عندها فلم يتجاوز إلى ما ربطتها به.
واستحاضة قليلة: إذا لوَّن الدّم القطنة ولم يغمسها لقلته.
البنت: وما حكم كل منها؟
الأم: في الاستحاضة الكثيرة، يجب على المرأة أن تغتسل ثلاثة أغسال، غسلاً لصلاة الصبح، وغسلاً لصلاتي الظهر والعصر إِذا جمعتهما، وغسلاً لصلاتي المغرب والعشاء إِذا جمعتهما.
البنت: إذا فرّقت المستحاضة استحاضة كثيرةصلاتها بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء؟
الأم: اغتسلت لكل صلاة.
البنت: وهل هذا حكمها في مطلق الأحوال؟
الأم: لا، بل هذا حكمها فيما إذا كان الدم صبيباً لا ينقطع بروزه على القطنة، وامّا إذا كان بروزه عليها متقطعاً بحيث تتمكن من الاغتسال والاتيان بصلاة واحدة أو أزيد قبل بروز الدم عليها مرّة اخرى [فعليها تجديد الغسل كلما برز الدم، فلو اغتسلت وصلت الظهر ثمّ برز الدم على القطنة قبل صلاة العصر أو في أثنائها وجب عليها الاغتسال لها]، ولو كان الفصل بين البروزين بمقدارٍ تتمكّن فيه من الاتيان بصلاتين أو عدة صلوات جاز لها ذلك من دون حاجةٍ إلى تجديد الغسل.
الأم: في الاستحاضة المتوسطة يجب عليها أنْ تتوضأ لكل صلاة [وتغتسل في كل يوم مرّة واحدة قبل وضوءاتها].
البنت: اضربي لي مثلاً على ذلك.
الأم: قبل صلاة الفجر ـ مثلاً ـ اكتشفت المرأة أنها مستحاضة فاختبرت نفسها فكانت استحاضتها متوسطة [تغتسل]، ثم تتوضأ لصلاة الفجر، ويكفيها غسلها هذا لكل صلوات ذلك اليوم مع وضوء لكل صلاة، فإنْ حلَّ اليوم الثاني [اغتسلت]، ثم توضّأت وهكذا لو توالت بتلك الصفة فلم تنقص ولم تزد.
الأم: في الاستحاضة القليلة يجب عليها فقط أنْ تتوضأ لكل صلاة واجبة كانت أم مستحبة.
البنت: وهل تتبدل استحاضة المرأة من قسم إلى قسم؟
الأم: نعم قد تتبدّل فتتحول القليلة الى كثيرة، والكثيرة اِلى قليلة، وهكذا.
البنت: وكيف تعرف المرأة بتحوّل استحاضتها؟
الأم: [عليها أنْ تختبر نفسها قبل الصلاة لتعرف ذلك]، ثمّ لتعمل وفق ما تقتضيه نتيجة الاختبار، فاذا تبيّن أنها استحاضة قليلة عملت بما تمليه عليها أحكام الاستحاضة القليلة، وإنْ تبين أنّها استحاضة متوسطة عملت بما تمليه عليها أحكام الاستحاضة المتوسطة، وهكذا.
البنت: والقطنة المنقوعة بالدم والشداد وما ربطتها به إذا لاقى الدّم؟
الأم: يحسُن بها أنْ تبدلهما أو تطهرهما لكل صلاة إذا كانت استحاضتها قليلة أو متوسطة وأما إذا كانت كثيرة [فيلزمها ذلك إنْأمكنها]، وتتحفظ من خروج الدم للفترة من نهاية الغسل إلى نهاية الصلاة، إذا لم يضر بحالها تحفظها.
البنت: وهل عليها أن تسرع إلى الصلاة بعد الاتيان بما عليها من الطهارة؟
الأم: [نعم].
البنت: وماذا يترتّب على الاستحاضة من أحكام؟
الأم: أوّلاً: يجب على المستحاضة أنْ تتطهّر بعد انقطاع الدم للصلاة الآتية بالوضوء إن كانت استحاضتها قليلة أو متوسطة، وبالغسل إن كانت استحاضتها كثيرة.
ثانياً: يحرم على المستحاضة بأقسامها الثلاثة مسّ كتابة القرآن الكريم قبل تحصيل طهارتها، ويجوز بعده قبل إتمام صلاتها.
ثالثاً: يجوز طلاق المستحاضة أثناء الاستحاضة.
رابعاً: لا يترتب على الاستحاضة ما كان يترتّب على الحيض: من حرمة الاتصال الجنسي، وحرمة دخول المساجد، والمكث فيها، ووضع شيء فيها، وقراءة آيات السجدة.
خامساً: يصحّ الصوم في الاستحاضة القليلة والمتوسطّة وإنْ لم تأتِ المستحاضة بما يجب عليها للصلاة من الوضوء أو الغسل، وأما المستحاضة استحاضة كثيرة فذهب جمع من الفقهاء (رضوان الله عليهم)إلى أنَّ صحة صومها تتوقّف على إتيانها بما يجب عليها من غسل الليلة السابقة على يوم الصوم ومن أغسال نهارية، ولكن الأصحّ أنّه لا يتوقف على ذلك صحة صومها.
سادساً: لا يجب على المستحاضة الكثيرة الوضوء مع الأغسال، ويجب على المستحاضة المتوسطة الوضوء بعد الغسل [الواجب عليها].