عقائدنا

عقيدتنا في النظر والمعرفة

نعتقد: أن الله تعالــى لمّا منحنا قوة التفكيـر، ووهب لنا العقل، أمرنا أن نتفكَّر فـي خلقه، وننظر بالتأمل فـي آثار صنعه، ونتدبر فـي حكمته واتقان تدبيـره فـي آياته وفـي الآفاق وفـي أنفسنا، قال تعالـى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّـى يَتَبَيَّـنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في التقليد بالفروع

نعتقد فـي فروع الدين - والتـي هـي أحكام الشريعة المتعلِّقة بالأعمال - أنه لا يجب فـيها النظر والاجتهاد، بل يجب فيها - إذا لم تكن من الضروريّات فـي الدين الثابتة بالقطع، كوجوب الصلاة والصوم والزكاة - أحد أمور ثلاثة:

1ـ إمّـــا أن يجتهد وينظر فـي أدلة الأحكام، إذا كان أهلاً لذلك.

2ـ وإمّا أن يحتاط في أعماله إذا كان يسعـه الاحتياط.

3ـ وإمّا أن يقلِّد المجتهد الجامع للشرائط بأن يكون من يقلِّده: عاقلاً، عادلاً «صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الاجتهاد

نعتقد: أنّ الاجتهاد فـي الأحكام الفرعية واجب بالوجوب الكفائي علـى جميع المسلمين فـي عصر غيبة الإمام المهدي (عليه السلام)، بمعنى أنّه يجب على كلّ مسلم فـي كلّ عصر، ولكن إذا نهض به من به الغنـى والكفاية سقط عن باقـي المسلمين، ويكتفون بمن تصدّى لتحصيله وحصل علـى رتبة الاجتهاد وهو جامع للشرائط، فيقلِّدونه، ويرجعون إليه في فروع دينهم.

والاجتهـاد: هو النظر  فـي الأدلة الشرعية لتحصيل معرفة الأحكام الفرعية التـي جاء بها سيّد المرسَلين (صلى الله عليه وآله) وهـي لا تتبدَّل، ولا تتغيَّـر  بتغيّـر الزمان والأحوال «حلال محمد حلال إلـى يوم القيامة، وحرامه حرام إلـى يوم القيامة».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في المجتهد

وعقيدتنا فـي المجتهد الجامع للشرائط: إنّه نائب للإمام المهدي (عليه السلام) فـي حال غيبته وهو الحاكم والرئيس المطلق، وله ما للإمام فـي الفصل فـي القضايا والـحكم بيـن الناس، والراد عليه راد علـى الإمام، والراد علـى الإمام راد علـى الله تعالى، وهو علـى حدّ الشرك بالله، كما جاء فـي الحديث عن صادق آل البيت (عليهم السلام) فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعاً فـي الفتيا فقط، بل يُرجع إليه فـي الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصّاته؛ لا يجوز لأحد أن يتولاّها دونه، إلّا بإذنه، كما لا تجوز إقامة الحدود والتعزيرات إلّا بأمره وحكمه ويرجع إليه أيضاً فـي الأموال التـي هـي من حقوق الإمام ومختصّاته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الله تعالى

نعتقد: أنّ الله تعالـى واحد احد ليس كمثله شـيء، قديم لم يزل ولا يزال، هو الأول والآخر، عليم، حكيم، عادل، حـي، قادر، غنـي، سميع، بصيـر. ولا يوصف بما تُوصف به المخلوقات؛ فليس هو بجسم ولا صورة، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه

كما لا ندَّ له، ولا شبه، ولا ضدّ، ولا صاحبة له ولا ولد، ولا شريك، ولم يكن له كفواً أحد، لا تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في التوحيـد

نعتقد: بأنّه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات، فكما يجب توحيده فـي الذات ونعتقد بأنّه واحد فـي ذاته ووجوب وجوده، كذلك يجب - ثانياً - توحيده فـي الصفات،بالاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية؛ فهو فـي العلم والقدرة لا نظيـر له، وفـي الخلق والرزق لا شريك له، وفي كلّ كمال لا ندَّ له.

وكذلك يجب - ثالثاً - توحيده فـي العبادة؛ فلا تجوز عبادة غيـره بوجه من الوجوه، وكذا إشراكه فـي العبادة فـي أيّ نوع من أنواع العبادة؛ واجبة أو غيـر واجبة، فـي الصلاة وغيـرها من العبادات.

ومن أشرك فـي العبادة غيـره فهو مشرك، كمن يرائي في عبادته ويتقرَّب إلى غير الله تعالى، وحكمه حكم من يعبد الأصنام والأوثان، لا فرق بينهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في العـدل

نعتقد: أنّ من صفاته تعالى الثبوتية الكمالية أنّه عادل غيـر ظالم، فلا يجور  فـي قضائه، ولا يحيف فـي حكمه؛ يثيب المطيعيـن، وله أن يجازي العاصيـن، ولا يكلِّف عباده ما لا يطيقون، ولا يعاقبهم زيادة على ما يستحقّون.

ونعتقد: أنّه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة، ولا يفعل القبيح؛ لأنه تعالـى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن، وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله. وهو مع كل ذلك حكيم؛ لا بدّ أن يكون فعله مطابقاً للحكمة، وعلى حسب النظام الأكمل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في التكليف

نعتقد: أنّه تعالـى لا يكلِّف عباده إِلّا بعد إقامة الـحجّة عليهم ولا يكلِّفهم إلّا ما يسعهم ما يقدرون عليه وما يطيقونه وما يعلمون؛ لاَنّه من الظلم تكليف العاجز  والـجاهل غيـر المقصِّر فـي التعليم.

أمّا الجاهل المقصِّـر فــي معرفة الأحكام والتكاليف فهو مسؤول عند الله تعالى، ومعاقَب علـى تقصيـره؛ إذ يجب علــى كلّ إنسان أن يتعلَّم ما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في التكليـف

نعتقد: أنّه تعالـى لا بدَّ أن يكلِّف عباده، ويسنَّ لهم الشرائع، وما فيه صلاحهم وخيرهم؛ ليدلّهم علـى طرق الخيـر والسعادة الدائمة، ويرشدهم إلـى ما فيه الصلاح، ويزجرهم عمّا فيه الفساد والضرر عليهم وسوء عاقبتهم، وإن علم أنّهم لا يطيعونه؛ لاَنّ ذلك لطف ورحمة بعباده، وهم يجهلون أكثـر مصالحهم وطرقها فـي الدنيا والآخرة، ويجهلون الكثيـر ممّا يعود عليهم بالضرر  والخسران، والله تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته، وهو من كماله المطلق الذي هو عين ذاته، ويستحيل أن ينفك عنه.

ولا يرفع هذا اللطف وهذه الرحمة أن يكون العباد متمرّدين على طاعته، غير  مناقدين إلى أوامره ونواهيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في أحكام الدين

نعتقد: أنّه تعالـى جعل أحكامه - من الواجبات والمحرَّمات وغيرهما - طبقاً لمصالـح العباد فـي نفس أفعالهم، فما فيه المصلحة الملزمة جعله واجباً، وما فيه المفسدة البالغة نهـى عنه، وما فيه مصلحة راجحة ندبنا إليه ...

وهكذا في باقي الأحكام، وهــذا مـن عدله ولطفه بعباده.

ولا بدّ أن يكون لله فـي كل واقعة حكم، ولا يخلو شيء من الأشياء من حكم واقعـي لله فيه، وإن انسدَّ علينا طريق علمه.

ونقول أيضاً: إنّه من القبيح أن يأمر بما فيه المفسدة، أو ينهى عمّا فيه المصلحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في النبوّة

نعتقد: أنّ النبوّة وظيفة إلهية، وسفارة ربّانية، يجعلها الله تعالـى لمن ينتجبه ويختاره من عباده الصالـحيـن وأوليائه الكامليـن فـي إنسانيّتهم، فيرسلهم إلـى سائر الناس لغاية إرشادهم إلـى ما فيه منافعهم ومصالحهم في الدنيا والآخرة، ولغرض تنزيـههـم وتزكيتهـم من درن مساوئ الأخلاق ومفاسد العادات، وتعليمهم الـحكمة والمعرفة، وبيان طرق السعادة والـخيـر؛ لتبلغ الانسانية كمالها اللائق بها، فترتفع إلـى درجاتها الرفيعة فـي الدارين دار الدنيا ودار الآخرة.

ونعتقد: أنّ قاعدة اللطف - علـى ما سيأتي معناها - توجب أن يبعث الـخالق - اللطيف بعباده - رسله لهداية البشر، وأداء الرسالة الإصلاحية، وليكونوا سفراء الله وخلفاءه.

ونعتقد: أنّه تعالـى لم يجعل للناس حق تعييـن النبـي أو ترشيحه أو انتخابه، وليس لهم الخيـرة فـي ذلك، بل أمر كلّ ذلك بيده تعالى؛ لاَنّه (أَعلمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسَالَتهُ).

وليس لهم أن يتحكَّموا فيمن يرسله هادياً ومبشِّراً ونذيراً، ولا أن يتحكَّموا فيما جاء به من أحكام وسنـن وشريعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في معجزة الأنبياء (عليهم السلام)

نعتقد: أنّه تعالـى إذ ينصّب لـخلقه هادياً ورسولاً لا بدّ أن يعرِّفهم بشـخصه، ويرشدهم إليه بالـخصوص علـى وجه التعييـن، وذلك منحصر بأن ينصب علـى رسالته دليلاً وحجّة يقيمها لهم؛ إتماماً للطف، واستكمالاً للرحمة.

وذلك الدليل لا بدّ أن يكون من نوع لا يصدر إلّا من خالق الكائنات، ومدبر الموجودات - أي فوق مستوى مقدور البشر - فيجريه علـى يدي ذلك الرسول الهادي؛ ليكون معرِّفاً به، ومرشداً إليه، وذلك الدليل هو المسمـى بالمعجز أو المعجزة؛ لاَنّه يكون علـى وجه يعجز البشر عن مجاراته والاِتيان بمثله.

وكما أنّه لا بد للنبـي من معجزة يظهر بها للناس لاِقامة الـحجة عليهم، فلا بد أن تكون تلك المعجزة ظاهرة الاِعجاز بين الناس علـى وجه يعجز عنها العلماء وأهل الفن فـي وقته، فضلاً عن غيـرهم من سائر الناس، مع اقتـران تلك المعجزة بدعوى النبوّة منه؛ لتكون دليلاً علـى مدَّعاه، وحجة بيـن يديه، فإذا عجز عنها أمثال أولئك عُلم أنّها فوق مقدور البشر، وخارقة للعادة، فيُعلم أنّ صاحبها فوق مستوى البشر، بما له من ذلك الاتصال الروحـي بمدبِّر الكائنات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في عصمة الأنبيـاء (عليهم السلام)

نعتقـــد: أنّ الأنبياء (عليهم السلام) معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة (عليهم السلام)، وخالَفَنا في ذلك بعض المسلمين، فلــم يوجبــــوا العصمــة فــي الأنبياء (عليهم السلام)، فضلاً عن الأئمة (عليهم السلام).

والعصمة: هي التنزُّه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطـأ والنسيان، وإن لم يمتنع عقلاً علـى النبـي والإمام (عليه السلام) أن يصدر منــــه ذلك، بل يجب أن يكون منـزَّهاً حتى عمّا ينافي المروءة، كالتبذل بيــن الناس من أكل في الطريق أو ضحك عالٍ، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدليل العقلي على عصمة الأنبياء (عليهم السلام)

والدليل العقلـي علـى وجوب العصمة؛ أنّه لو جاز أن يفعل النبـي المعصية، أو يخطأ وينسـى، وصدر منه شـيء من هذا القبيل، فإمّا أن يجب اتّباعه فـي فعله الصادر منه عصياناً أو خطأً أو لا يجب، فإن وجب اتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصـي برخصة من الله تعالـى، بل أوجبنا ذلك، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل.

وان لم يجب اتّباعه فذلك ينافي النبوَّة التي لا بدّ أن تقترن بوجوب الطاعة أبداً.

على أن كل شـيء يقع منه من فعل أو قول فنحن نحتمل فيه المعصية أو الـخطأ، فلا يجب اتّباعه فـي شـيءٍ من الأشياء، فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبـي (صلى الله عليه وآله) كسائر الناس، ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيمة العالية التـي يعتمد عليها دائماً، كما لا تبقى طاعة حتمية لأوامره، ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله.

وهذا الدليل علـى العصمة يجري عيناً فـي الإمام (عليه السلام)؛ لان المفروض فيه أنه منصوب من الله تعالـى لهداية البشر خليفة للنبـي (صلى الله عليه وآله).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا فــي صفات النبــي(عليه السلام)

نعتقد: أنّ النبـي - كما يجب أن يكون معصوماً - يجب أن يكون متّصفاً بأكمل الصفات الـخلقية والعقلية وأفضلها، من نحو: الشـجاعة، والسياسة، والتدبيـر، والصبـر، والفطنة، والذكاء؛ حتّـى لا يدانيه بشر سواه فيها؛ لاَنّه لولا ذلك لما صـحّ أن تكون له الرئاسة العامة علـى جميع الـخلق، ولا قوَّة إدارة العالم كله.

كما يجب ان يكون طاهر المولد أميناً صادقاً منـزَّهاً عن الرذائل قبل بعثته أيضاً؛ لكـي تطمئـنّ إليه القلوب، وتركن إليه النفوس، بل لكـي يستحق هذا المقام الإلهي العظيم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الأنبياء (عليهم السلام) وكتبهم

نؤمن بأنّ جميع الأنبياء والمرسليـن (عليهم السلام) علـى حق، كما نؤمن بعصمتهم وطهارتهم، وأمّا إنكار  نبوتّهم، أو سبّهم، أو الاستهزاء بهم فهو من الكفر والزندقة؛ لاَنّ ذلك يستلزم إنكار نبينا الذي أخبـر عنهم وصدّقهم وكذلك يجب الإيمان بكتبهم وما نزل عليهم.

وأمّا التوراة والانجيل الموجودان الآن بيـن أيدي الناس، فقد ثبت أنّهما محرَّفان عمّا أُنزلا بسبب ما حدث فيهما من التغييـر والتبديل، والزيادات والإضافات بعد زماني موسـى وعيسـى (عليهما السلام) بتلاعب ذوي الأهواء والأطماع، بل الموجود منهما أكثـره - أو كلّه - موضوع بعد زمانهما من الأتباع والأشياع.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الإسلام

نعتقد: أنّ الدين عند الله الإسلام، وهو الشريعة الإلهية الـحقّة التـي هـي خاتمة الشرائع وأكملها، وأوفقها فـي سعادة البشر، وأجمعها لمصالحهم فـي دنياهم وآخرتهم، وصالـحة للبقاء مدى الدهور والعصور، لا تتغيّـر ولا تتبدّل، وجامعة لجميع ما يحتاجه البشر من النظم الفردية والاجتماعية والسياسية.

ولمّا كانت خاتمة الشرائع، ولا نتـرقَّب شريعة أُخرى تُصلـح هذا البشر المنغمس بالظلم والفساد، فلا بدَّ أن يأتي يوم يقوى فيه الدين الإسلامي، فيشمل المعمورة بعدله وقوانينه.

ولو طُبِّقت الشريعة الإسلامية بقوانينها فـي الأرض تطبيقاً كاملاً صـحيحاً، لعمّ السلام بيـن البشر، وتمَّت السعادة لهم، وبلغوا أقصـى ما يحلم به الإنسان من الرفاه والعزّة، والسعة والدعة، والـخلق الفاضل، ولأنقشع الظلم من الدنيا، وسادت المـحبّة والاِخاء بيـن الناس أجمعيـن، ولأنمحـى الفقر والفاقة من صفحة الوجود.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا فـي مشرِّع الإسلام

نعتقد: أنّ صاحب الرسالة الإسلامية هو محمد بن عبد الله، وهو خاتم النبيين، وسيِّد المرسَلين، وأفضلهم علـى الإطلاق، كما أنّه سيِّد البشر جميعاً؛ لا يوازيه فاضل فـي فضل، ولا يدانيه أحد فـي مكرمة، ولا يقاربه عاقل فـي عقل، ولا يشبهه شـخص فـي خلق، وأنّه لعلـى خلق عظيم. ذلك من أول نشأة البشر إلى يوم القيامة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في القرآن الكريم (1)

نعتقد: أنّ القرآن هو الوحـي الإلهي المنـزَّل من الله تعالـى علـى لسان نبيه الأكرم فيه تبيان كل شـيء، وهو معـجزته الـخالدة التـي أعـجزت البشر عن مجاراتـها   فـي البلاغة والفصاحة، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتـريه التبديل والتغييـر  والتحريف

وهذا الذي بيـن أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنـزَّل على النبـي (صلى الله عليه وآله)، ومن ادّعـى فيه غيـر ذلك فهو مختـرق أو مغالط أو مشتبه، وكلّهم علـى غيـر هدى؛ فانه كلام الله الذي (لا يَأتيِه الباطلُ مِنْ بَيـنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في القرآن الكريـم (2)

نعتقد أيضاً: بوجوب احتـرام القرآن الكريم، وتعظيمه بالقول والعمل، فلا يجوز تنجيس كلماته حتـى الكلمة الواحدة المعتبـرة جزءً منه علـى وجه يقصد أنّـها جزء منه.

كما لا يجوز لمن كان علـى غيـر طاهرة أن يمسّ كلماته أو حروفه (لا يَمَسُّهُ إلاّ المُطَهَّرُونَ) سواء كان محدثاً بالـحدث الأكبر كالـجنابة والـحيض والنفاس وشبهها، أو محدِثاً بالـحدث الأصغر حتـى النوم، إلاّ إذا اغتسل أو توضأ علـى التفاصيل التـي تذكر فـي الكتب الفقهية.

كما أنّه لا يجوز إحراقه، ولا يجوز توهينه بأيّ نوع من أنواع التوهيـن الذي يُعد في عرف الناس توهيناً، مثل رميه، أو تقذيره، أو سـحقه بالرجل، أو وضعه في مكان مُستحقَر، فلو تعمَّد شـخص توهينه وتحقيـره - بفعل واحد من هذه الأمور  وشبهها - فهو معدود من المنكرين للإسلام وقدسيته، المـحكوم عليهم بالمروق عن الدين والكفر بربِّ العالميـن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دلائل إعـجاز القرآن الكريم

ومن دلائل إعـجازه: أنّه كلّما تقدَّم الزمن، وتقدَّمت العلوم والفنون، فهو باق علـى طراوته وحلاوته، وعلـى سموِّ مقاصده وأفكاره، ولا يظهر فيه خطأ فـي نظرية علمية ثابتة، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية، علـى العكس من كتب العلماء وأعاظم الفلاسفة، مهما بلغوا فـي منـزلتهم العلمية ومراتبهم الفكرية؛ فانّه يبدو بعض منها - علـى الأقل - تافهاً أو نابياً أو مغلوطاً كلّما تقدَّمت الأبحاث العلمية، وتقدمت العلوم بالنظريات المستحدثة، حتـى من مثل أعاظم فلاسفة اليونان كسقراط وأفلاطون وأرسطو الذين اعتـرف لهم جميع مَن جاء بعدهم بالأبوة العلمية، والتفوّق الفكري.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الإمامة (1)

نعتقد: أنّ الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلّا بالاعتقاد بـها، ولا يجوز  فيـها تقليد الآباء والأهل والمربّيـن مهـما عظموا وكبـروا، بل يجب النظر فيـها كما يجب النظر فـي التوحيد والنبوّة.

وعلى الأقل أنّ الاعتقاد بفراغ ذمّة المكلَّف من التكاليف الشرعية المفروضة عليه يتوقّف علـى الاعتقاد بـها أي من جهة أنّ فراغ ذمة المكلَّف من التكاليف المفروضة عليه قطعاً من الله تعالـى واجب عقلاً، وليست كلّها معلومة من طريقة قطعية، فلا بدَّ من الرجوع فيها إلـى من نقطع بفراغ الذمة باتّباعه، أمّا الإمام علـى طريقة الإمامية، أو غيـره علـى طريقة غيـرهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الإمامة (2)

نعتقد: أنّ الإمامة كالنبوَّة لطف من الله تعالـى؛ فلا بدَّ أن يكون فـي كل عصر إمام هادٍ يخلف النبـي فـي وظائفه من هداية البشر وارشادهم إلـى ما فيه الصلاح والسعادة فـي النشأتيـن، وله ما للنبـي من الولاية العامّة علـى الناس، لتدبيـر شؤونـهم ومصالـحهم، وإقامة العدل بينـهم، ورفع الظلم والعدوان من بيـنهم.

وعلـى هذا، فالإمامة استمرار للنبوّة، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضاً نصب الإمام بعد الرسول.

فلذلك نقول: إنّ الإمامة لا تكون إلاّ بالنص من الله تعالى على لسان النبـي أو لسان الإمام الذي قبله، وليست هـي بالاختيار، والانتخاب من الناس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الإمامة (3)

نعتقد: أنه لا يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة، منصوب من الله تعالى؛ سواء أبى البشر أم لم يأبوا، وسواء ناصروه أم لم يناصروه، أطاعوه أم لم يطيعوه، وسواء كان حاضراً أم غائباً عن أعيـن الناس؛ إذ كما يصـح أن يغيب النبـي - كغيبته فـي الغار والشِعب- صـحَّ أن يغيب الإمام، ولا فرق فـي حكم العقل بيـن طول الغيبة وقصرها.

قال الله تعالى: (وَلِكُلِ قومٍ هَادٍ).

وقال: (وإِن مِن أُمّةٍ إِلّا خَلاَ فِيها نَذِيــرٌ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الإمامة (4)

نعتقد: أنّ الإمام كالنبـي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، من سنِّ الطفولة إلـى الموت، عمداً وسهواً.

كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والـخطأ والنسيان؛ لاَنّ الأئمّة حفظة الشرع، والقوَّامون عليه، حالهم فـي ذلك حال النبـي، والدليل الذي اقتضانا أن نعتقد بعصمة الأنبياء (عليهم السلام) هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الأئمة (عليهم السلام) بلا فرق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عقيدتنا في الإمامة (5)

نعتقد: أنّ الإمام (عليه السلام) كالنبي (صلى الله عليه وآله) يجب أن يكون أفضل الناس فـي صفات الكمال، من شـجاعة، وكرم، وعفّة، وصدق، وعدل، ومن تدبيـر، وعقل وحكمة وخلق.

والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الإمام.

أمّا علمه؛ فهو يتلقّى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبـي أو الإمام من قبله.

وإذا استجدّ شـيء لا بدَّ أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التـي أودعها الله تعالى فيه، فإنْ توجّه إلـى شـيء وشاء أن يعلمه علـى وجهه الـحقيقي، لا يخطىَ فيه ولا يشتبه، ولا يحتاج فـي كلّ ذلك إلـى البراهيـن العقلية، ولا إلـى تلقينات المعلِّميـن، وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد، ولذا قال النبـي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فـي دعائه: «رَبِّ زدني علماً».

عقائد الإمامية: ص85.